بسم الله والحمد لله وصلاة وسلاما على سيدنا رسول الله صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، فى شهر رمضان يبحث الصائمون عن أبواب الخير، ويَتَمكنونَ من تقديم الكثير من الخير اغتنامًا لِغَفلة الشيطان عنهم، ولإبعاد الله عزوجلَّ عن مَسالِكهم، وطريقهم، وتجنيب الشيطان لهم، وأيضا لأنَّ الله عز وجل يَكفِيهم شرَّ أنفُسهم، فإن الشيطان عند دُخُول أولِ ليلة من رمضان يُقيد، حتى لا يُفسد على الناسِ صفوَ العِبَادة، ولذا نَرَاهم يُقبِلون على بِيوتِ الله عز وجل، وعلى الصلاةِ، وعلى قراءةِ القرآن، وتَدبرِ آياته، ومعانيه، وكذلِك يُعِينهم الله عز وجل، على أنفسهم بالتضييق عليها، بالجوع والعطش فَتَرِقُ وتَصفو لله عز وجل.
ومن الأعمالِ التى يَجبُ أن يَحرَصَ عليها المسلمونَ كَثرة الصدقات، والتقرب إلى الله عز وجل بالمال فى رمضان، والناس يَتصدقون فى رمضان، وصدقاتهم تتفرع إلى عدة أمور، بعض الناس يُخرجون زكاة أموالِهم فى رمضان، وجَميعُ الناسِ يخرجون صدقةَ الفِطْر فى رمضان، وبَعْضُ الناسِ يُخلطون بَينهم، وبَينهم فرقٌ كبير.
فزكاة المال ليست خاصة برمضان، وإنما كل من لديه أموال تبلغ النِصَابَ، وهو ما يعادل خمسة وثمانين جرامًا من الذهب تقريبًا، عليه زكاة، سواء أكانت أموالا ذهبية أو كانت نقودًا من التى يتعامل بها الناس فإذا مرَّ عليها حولٌ، أى سنة كاملة، فهذه الأموال بجب عليه أن يُزكيها، فيخرج منها بنسبة اثنين ونصف بالمائة، أى ربع العشر، هذا لا يتعلق برمضان وإنما هذا ما يُقال عنه زكاة المال وهى فريضة قال عنها رَبُّ العالمين فى سورة التوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ الله...... (60) هذه الزكاة هى زكاة المال ولا علاقة لها بالصيام، وإن كان بعض الناس يجعلون نهاية الحولِ فى رمضان ويخرجونها فى رمضان تقربا، فلا بأس، مع أنه لا يُستحب أن نجعل جميع زكاتنا فى رمضان؛ لأن الزكاة المقصود بها أن تتعددَ فى أيام الحول حتى يجد الفقراء دائما من يخرج إليهم، فإن أخرجنا جميعنا زكاة أموالنا فى رمضان، أولاً: قد يفوتنا كثير من الحول لأن العبرة باكتمال الحول وليس برمضان وقد يحول الحول على الأموال التى نمتلكها قبل رمضان، ولذا هذا وقت الوجوبِ للناس وإخراج الجزء الواجب عليهم.
أما صدقة الفِطرِ فتكون فى رمضان؛ لأنها مرتبطة بالصيام، وهى واجب من الواجبات، والصائم يخرج هذه الزكاة من بداية رمضان إن شاء، إلى قُبيل انصراف الناس من صلاة العيد، فمتى أخرجها فى أى وقت من هذه الأوقات فهى صدقة مقبولة وهى متممة لما نقص وما فات الإنسان أثناء صيامه، قال عبد الله بْنِ عُمَرَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُمَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ.......» .
فيخرجها الإنسان طعاما من غالب قوت البلد هذا مقبول، أو يخرجها نقدًا وهو أفضل كما ذكر السادة الحنفية فيه يستطيع الناس أن يشتروا ما يحتاجون إليه وهى تختلف كل عام باختلاف ثمن الأطعمة التى يتناولها الناس إليه، وكل يخرج بقدر استطاعته وهى مقبولة بإذن الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يصومون كما ينبغى أن يكون الصيام، وممن يزكون ويتطوعون لله عز وجل ليس رياءً ولا طلبا لمرضاة الناس وإنما طلبا لمرضاة الله عز وجل، وإلى لقاء آخر بإذن الله.