(1) القتلة هم الذين استرخصوا الدم المصرى: الذاكرة ضعيفة أو مخادعة، فكل قطرة دماء سالت، كان سببها الجماعة الإرهابية، هم الذين احتشدوا فى رابعة والنهضة والشوارع والميادين، فى تحد غير مسبوق لسلطة الدولة، والدولة هنا ليست حكومة الببلاوى التى ظلت مترددة حتى استفحلت الأزمة، ولكن كيان الوطن الذى كان مهددا بالفوضى والحرب الأهلية، ومحاولة استنساخ نموذج اللادولة الذى جرى تنفيذه بنجاح فى دول الجحيم العربى، والدماء التى سالت فى رقبة من حرضوا وشهروا السلاح، ورفضوا الامتثال لكل محاولات فض الأزمة سلميا.
(2) دماء الشهداء أنقذت البلاد من الضياع: الذاكرة ضعيفة ومخادعة، فى مواجهة من يدافعون عن دماء القتلة ويهدرون دماء الشهداء، فهل نسينا شهداء كرداسة، وهم مذبوحون من رقابهم وتم التمثيل بجثثهم، وشهداء رفح الذين قتلوا وهم يستعدون لتناول طعام الإفطار فى رمضان، وشهداء سيناء الذين يذودون بأرواحهم عن التراب الوطنى، وهل نسينا المعزول وهو ينادى بالحفاظ على أرواح الخاطفين قبل المخطوفين، وهل نسينا اللهو الخفى الذى قتل شباب الميادين بدم بارد، وميليشيات الشاطر وأبوإسماعيل ودولة المرشد فى المقطم، والمعذبون على أسوار الاتحادية بأوامر المعزول، فصارت البلاد فى سنتهم السوداء مستنقعا للفوضى وإراقة الدماء.
(3) الدماء أغلى بكثير من المتاجرة بها فى المحافل الدولية: والهدف أن تظل مصر باستمرار فى مرمى نيران المجتمع الدولى، وكلما أُغلق ملف فتحوا ملفات، وأفضل من يقوم بهذه المهمة هم مصريون، كانوا ملء السمع والبصر وجزءا من المعادلة السياسية فى حكم الإخوان، وتبدلت مواقفهم عندما فقدوا مواقعهم المميزة، فصاروا صوتا ضد نظام الحكم الحالى فى الداخل والخارج، والمسألة ليس لها علاقة بالوطنية أو العمالة، وإنما بالمصالح الشخصية والمكاسب النفعية، مع مراعاة أن مفرمة الأحداث السياسية بعد 25 يناير، كانت سريعة الدوران والقسوة، وفرمت طوابير وراء طوابير من السياسيين والإعلاميين، فمن كان بالأمس نجما لامعا، صار اليوم فى طى النسيان، وشرب من نفس الكأس التى سقاها لغيره، ورفع شعار «دعونى أنتقم».
(4) اللعب بنغمة الدماء الرخيصة مع اقتراب 30 يونيو: هل نسينا مثل هذا اليوم من عامين، وكانت ميليشيات الشاطر تجهز أسلحتها وتعلن النفير العام استعدادا لمواجهة دموية شرسة، ورصدت الأجهزة الأمنية محاولات تسلل جماعية من عناصر حركة حماس لدخول سيناء والاشتراك فى أم المعارك، كما فعلوا فى 25 يناير، وأعد مكتب الإرشاد قائمة طويلة بأسماء عسكريين ورجال أمن وإعلاميين وقضاة وشخصيات عامة يتم اعتقالهم، فى حملة ترويع غير مسبوقة فى تاريخ مصر، وأصدرت التنظيمات الإخوانية الإرهابية بيانات متتالية، تدعو إلى نصب أعواد المشانق فى الميادين العامة، استعدادا لاستقبال رؤوس العلمانيين الكفرة والصليبيين، وإطعام جثثهم النجسة للذئاب والكلاب المسعورة، وأصبح المشهد هو التمهيد لمذبحة مروعة على غرار ما تفعله داعش الآن فى العراق.
(5) وجع اسمه «استعادة الدولة لهيبتها»: لأنها كلما نجحت فى حل أزمة صدرت لخصومها ومعارضيها أزمات، وسحبت من تحت أقدامهم مساحات يعبثون فيها، ويروجون انتقادات ضعيفة لا تجد قبولا لدى الرأى العام، وأزعم أن الناس ملوا صناعة التهييج واليأس والإحباط والسوداوية، بعد أن جربوا بأنفسهم أضرار الخداع السياسى والإعلامى، وكرهوا من احترفوا ركوب موجات الشهرة الشخصية، حتى لو كان على حساب استعادة الدولة لقوتها ومؤسساتها وهيبتها، وصار صعبا أن ينصب إعلامى جامح مصيدة لئيمة لرئيس أو رئيس وزراء أو وزير، أو أن يجعل نفسه جلادا ورقيبا وهو فى أمس الحاجة إلى الرقابة الذاتية. تغيرت الدنيا ولم تعد مصر الآن هى نفسها من عامين، وقبل أن نقول: «طول ما الدم المصرى رخيص» لنسأل: من الذى استرخص الدم؟.. فتش عن المجاريح وملفاتهم، مع أن كل قطرة دماء تسيل من أى مواطن مصرى، أغلى من أى شىء فى الدنيا.