العمل التربوى يبنى على الحوار والإقناع وكلها وسائل اتصال فعالة ومقبولة
من المؤكد أن أى عملية تربوية لا تأخذ مبدأ الثواب والعقاب فى ترشيد السلوك بتوازن وعقلانية تكون نتيجتها انحرافات فى سلوك الطفل عندما يكبر، فلا بد من معاقبة السلوك السيئ عقاباً لا قسوة فيه ولا عنف، ومكافأة السلوك السليم، وذلك من باب تعزيز هذا السلوك، مع ملاحظة عدم مكافئة السلوك المشروط من الطفل مثل: «سأقوم بعمل الواجبات لو وافقت على خروجنا لنزهة ما» هكذا لخصت الباحثة إيمان الوكيل الحاصلة ماجستير فى الدراسات التربوية «صحة نفسية» جزءا كبيرا من نصائحها الذهبية للعمل التربوى.
إن العمل التربوى يبنى على الحوار والإقناع، كلها وسائل اتصال فعالة ومقبولة لدى الطفل، إذ تدخل فى صفة «التى هى أحسن»، فاحرص على الهدوء أثناء المناقشة وفتح مجال الحوار معهم والمبالغة فى الاهتمام به، وأعطهم مساحة لإبداء الرأى وحق الاختيار مع احترامك وتشجيعك للرأى المطروح وتعزيز الإيجابى منه وتعديل السلبى بالإشارة المباشرة والغير المباشرة مع تجنب التسلط والسيطرة والاستهزاء، فالتعامل دائماً يكون بالإقناع وليس بالأمر.
التربية نظام وانضباط: إذا نهيت عن أمر فتمسك به، فلا تستسلم لرغبة طفلك عند بكائه، يميز الطفل ويراقب ردة فعلك وحركات عيونك، ويدرك ضعفك أمام بكائه وعدم صبرك على صراخه، فيستخدم ذلك للضغط لتلبية رغباته، واحرص على أن تنبه عن أوامرك بأنها للحرص على سلامته لتمنحه شعوراً بالأمن والأمان، ولا تنه عن أمر إلا للضرورة واشرح له سبب النهى، ولا تنهه عن أمر أنت تفعله، فإثارة التناقضات فى حياة الطفل لها أثر سلبى على شخصيته، فإذا نهيناه عن أمر ينبغى أن نكون أول المبتعدين عنه.
التربية طريقة وسياسة: إن الأبناء يرفضون ما يصلهم من أوامر ونواهٍ فابتعد عن لهجة النفى والأمر «لا ترسم على الحائط»، «ارتدى الحجاب»، بينما يقبلونها لو جاءت بالعرض عليهم «كم هو جميل أن ترسم فى كتاب الرسم»، أو ثناء على فريضة «جميلة بحجابك بنيتى»، فتنمى فى نفس الطفل الجرأة الأدبية وطريقة عرضه لرغباته، فالأمرا والنهى إذا فُرض عليهم يكون مدمرا للطفل، حيث ترغمه على الكذب والادعاء، وتجعل دافع السلوك لديه خوفاً من العقاب أو طمعاً فى ثواب ليس إلا.
وأخيرًا، التربية اتفاق وتوازن واستقرار، الأبوان هما شريكا العملية التربوية، فاتفاقهما على أسلوب التربية وطرق التوجيه هى من أهم القواعد فى أسلوب التربية، فإن اختلاف الأبوين وتناقضهم يؤدى إلى آثار سلبية عميقة، تسبب معاناة ومشاكل وعقدا نفسية للطفل، كأن تسمح الأم بأمور لا يجيزها الأب، أو أن الأب يميل إلى اللين والتدليل، بينما تميل الأم إلى الشدة فى العقاب أو العتاب، فهذا الاختلاف وعدم التوازن بين الأبوين فى منهجية التربية أو طرق التوجيه يسبب إرباكا للطفل، ويجعله غير قادر على تمييز الصواب من الخطأ، ويؤثر على صحته النفسية والسلوكية، كما يؤدى هذا الأسلوب إلى ضعف الولاء لأحد الأبوين، لأن الطفل، بفطرته، يميل إلى التدليل واللين، وهنا ألفت النظر إلى قاعدة لا تقل أهمية عما تقدم، وذات صلة وثيقة وهى فصل الطفل عن المشاكل الأسرية، فاستقرار علاقة الأب والأم هى أساس التربية، وينعكس ذلك بصورة إيجابية على سلوكه فهما له قدوة ومصدر للأمان، وأما إذا كانت العلاقة غير مستقرة فنفسية الطفل لا تتحمل أن يرى أحد والديه فى صورة سيئة، فصدمته بهما وبخلافاتهما تفقده الإحساس بالأمان.
وتربية الأبناء مسؤولية الأبوين أولاً وآخراً، قال تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ» «النساء: 11»، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «إذا اعتبرت الفساد فى الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء».