الحمى القلاعية واحدة من الأمراض الفيروسية الفتاكة التي تصيب الأبقار والماعز والأغنام، وتكمن خطورتها في أنها شديدة الانتشار، وتنتقل بسرعة كبيرة، خاصة في فصل الصيف، مع ارتفاع درجات الحرارة، وتعتبر أحد الأمراض التي تهدد الثروة الحيوانية، وقد بدأت موجة انتشار جديدة لها خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع انتشار شكاوى المواطنين من المرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع الاستعداد لعيد الأضحى المبارك، الذي يعتبر موسم سنوي لذبح الأضاحي بمختلف صورها وأشكالها.
وصلتني مجموعة من الشكاوى تخص الأهالي في مركز ببا، محافظة بني سويف، تتعلق بانتشار مرض الحمي القلاعية، وهذه قصة متكررة ومنتشرة تحدث كل عام، والسبب فيها عدم الاهتمام بالتحصينات التي تقدمها وزارة الزراعة للمواشي بصورة دورية مرتين في العام، لحمايتها من المرض أو تقليل فرص الإصابة، وهذه التطعيمات يتم تقديمها بمبالغ رمزية، مدعمة من جانب وزارة الزراعة والمديريات التابعة لها في مختلف المحافظات، لكن مازال بعض المزارعين يعزفون عن هذه التطعيمات اعتقادا أنها دون جدوى، وليس لها دور في توفير الحماية الكافية للماشية.
الفلاح في شمال الصعيد يعتبر البقرة أو الجاموسة جزء من عائلته، ويراها مصدر للخير والرزق صباحاً ومساءً، ويعتمد عليها بشكل مباشر في إطعام صغاره، وتوفير نفقات المعيشة، عن طريق بيع منتجاتها من الألبان، لذلك صدق أو لا تصدق عندما تموت بقرة أو ما دونها لدى فلاح في إحدى القرى، فنجد أن الخبر تسرب لأهل البلد جميعاً وعرفه الجميع، وأخذوا في مواساة صاحب هذه الحالة، وشدوا من أزره، محاولة لرفع روحه المعنوية وتقديم المساعدة له، وهذا يدعونا إلى ضرورة تقديم النصائح لهؤلاء الفلاحين والإرشادات التي تحمي ثروتهم الحيوانية من الضياع، وأن تكون هناك برامج توعية على مستوى من الجودة تخاطب هذه الفئة وتقدم النصائح لها.
قبل أكثر من 20 عاماً كان برنامج سر الأرض أحد أهم البرامج التوعوية التي تحرص عليها الأسرة المصرية من أجل تنمية الوعي الزراعي، وخلق مناخ مناسب ومعلومات جيدة للفلاح، يعتمد عليها في الزراعة وتربية الماشية، لكن مع اختفاء هذا البرنامج غابت عن الفلاح الكثير من المعلومات الهامة، خاصة أن الأمية مازالت تمثل نسبة كبيرة، تزيد عن25% من إجمالي عدد السكان وفق تقديرات جهاز الإحصاء في آخر تعداد سكاني، لذلك يجب أن يعود الدور التوعوي والإرشادي في دعم الفلاح.
خطورة انتشار الحمى القلاعية في هذا التوقيت مرتبطة باقتراب عيد الأضحى، الذي تفصلنا عنه أيام معدودات، خاصة أن المواشي المصابة بالمرض تباع مذبوحة أو مريضة للجزارين، الذين يطرحونها في الأسواق، ويستغلون جهل المستهلك بمعرفة المواصفات الصحية للحوم، والعلامات المميزة لكونها صالحة ومناسبة للاستهلاك من عدمه، لذلك يجب تكثيف برامج التوعية من أجل تعريف المواطنين بالمواصفات السليمة والصحية لأنواع اللحوم المختلفة، وكيفية شراء أضحية خالية من الأمراض، وفى الوقت ذاته يجب تقليل استهلاك اللحوم الحمراء خلال الوقت الراهن، لحين تراجع معدل الإصابات بمرض الحمى القلاعية، بالإضافة إلى تفعيل حملات الكشف والرقابة على اللحوم للتأكد أنها خالية من الأمراض.