الشريعة الإسلامية الغرّاء تدعو أتباعها إلى التكافل فيما بينهم لقوله تعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ويقول رَسُولُ اللَّه،ِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
ومن التدابير الشرعية التى جاءت بها الشريعة الإسلامية لتوفير هذه المقومات بين أفراد المجتمع، تحريم المعاملات المالية التى تضر بالفقراء كالربا بجميع أنواعه فقد عد الشرع الربا كبيرة من الكبائر العظام لتنافيه مع الأخلاق الإسلامية وقواعد التكافل الاجتماعى، فهو يتناقض تماما مع ما تدعو إليه الشريعة السمحة من التكافل بين فئات المجتمع المختلفة، حيث يتربح الأغنياء من فقر الفقراء بدلا من مد يد العون لهم بالمساعدة، ولذا يقول الحق سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ».
وفى المقابل نرى أن الشريعة الإسلامية شرعت الصدقات بأنواعها التى أثبت البحث العلمى الإحصائى أنها كفيلة بتحقيق حد الكفاية للفقراء والمساكين ونحوهم لو طبقت تطبيقا صحيحا بأن أخرج كلُّ الأغنياء صدقات أموالهم وصرفت إلى مستحقيها، وهذه الصدقات متنوعة فمنها الواجب وهى زكاة المال بأنواعه متى بلغ النصاب لقوله تعالى: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»، وكذلك منها ما هو اختيارى وفيها يقول الله تعالى: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا. إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا. فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا. وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا..». ومعلوم أن مصرف هذه الصدقات واجبة كانت أو اختيارية هو مَن يحتاجون إلى الكفالة الاجتماعية الذين جمعهم قول الله تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ». كما بين أن من أمور الكفالة صدقة الفطر التى يخرجها الصائم عن نفسه ومن يدخلون فى نفقته فى آخر رمضان فهى لكفالة الفقراء خاصة فى يوم العيد لقوله، صلى الله عليه وسلم،: أغنوهم عن الطواف فى هذا اليوم. أى سؤال الناس. ومن أمور التكافل التشجيع على القرض الحسن فعن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال،: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِى مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ الصَّدَقَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ»، قَالَ النَّبِىُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: قُلْتُ لِجِبْرِيلَ: «مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: «إِنَّ السَّائِلَ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ، وَالْمُسْتَقْرِضُ لا يَسْتَقْرِضُ إِلا مِنْ حَاجَةٍ».