أغلى ما تملكه مصر هي حيويتها الثقافية، التي صنعت مجدها عبر التاريخ.
حيوية مصر الثقافية، هي التي جعلتها الدولة المحورية المميزة للمنطقة، وجعلتها البوابة الرئيسية للشرق الأوسط، بكل ما فيه.
حيوية مصر الثقافية هي التي جعلت منها "عمود الخيمة" الضارب بقوة في أعماق الارض والشامخ الصلب ضد التحديات.
حيوية مصر الثقافية، هي التي شكلت وجدان هذا الشعب، وجعلت من الأغنية دستورا، وجعلت من الكلمة نبراسا يضيء الطريق، وجعلت من البسمة سمة وعنوانا للمصريين، وأكسبتهم القدرة على المقاومة ودحض الأكاذيب ومواجهة الأعداء.
لا يمر أسبوع واحد دون أن تكون هناك فعالية كبرى على أرض مصر. الثقافة هى عنوان هذا الشعب المجيد، الذي تميز في كل شيء من الفنون والآداب، وقدم إلى العالم صورا مبهرة، تعكس قدرة وعمق الإبداع المستمر الذي لا يعرف المستحيل.
على مدى الأيام العشر الماضية، أطلقت مكتبة الإسكندرية معرضها الدولي للكتاب، والذي يُقام بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب واتحاد الناشرين المصريين والعرب، واختتم أعماله اليوم الخميس.
سعدت بالمشاركة في دورة هذا العام بندوة تحت عنوان "شارع نوبار بين الرواية والتاريخ"، وأدارها الدكتور عبد الوهاب شاكر، وهي إحدى الفعاليات ضمن البرنامج الثقافي للمعرض هذا العام، الذي قدم قُرابة 75 حدثًا ثقافيًا من ندوات، ولقاءات، وورش عمل، وشارك فيهُما أكثر من 300 مُتحدثا ومُحاضرا وباحثا مُتخصصا.
المبهر في دورة هذا العام، اختيار الموضوعات ومحتواها ومُقدميها الذي تم بتنوع كبير، حيث تم اختيار نخبة استطاعت فرض تواجدها من خلال أعمال وكتابات ليس لها مثيل في الوطن العربي.
جاء الدكتور أسامة الأزهري، مُستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، ليُقدم لنا ندوة مُميزة في التاريخ والرواية، بصحبة الدكتور أسامة الشاذلي، وشاهدنا الدكتور هيثم الحاج علي، في لقاء خاص عن تطور السرد، وتابعنا الدكتور علي بن تميم في عرضه المُبهر لإشكاليات اللغة العربية، واستمتعنا بالكاتب الكبير إبراهيم عبدالمجيد الذي جاء له الجميع من جميع أنحاء الجمهورية، ليستمعوا لحكاياته الأصيلة في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب، والتقينا بأسماء لها تاريخ كبير، كالدكتور فتحي أبو عيانه، علم من أعلام علم الجغرافيا في مصر، والكاتب الصحفي طارق إسماعيل، وغيرهم من الكتاب والأكاديميين والباحثين.
وترسيخا لدعائم القوى الناعمة، وجدنا أبطال مسلسل جزيرة غمام، وسط حضور حاشد من جماهيرهم، وعشرات الورش لفنون الكتابة المُختلفة «الرواية، القصة القصيرة، السيناريو، الدراما الإذاعية، القصة القصيرة، والنقد» هذا بجانب ورش للترجمة والخط العربي.
الحدث الثقافي دفع الآلاف لحضوره، باعتباره فرصة ذهبية لمُثقفي الإسكندرية، خصوصًا مع تواجد كُتاب كبار، لم يعتد المواطن أن يُشاهدها على الطبيعة، فكان البرنامج الثقافي للمعرض، مُلتقي حقيقي، يلتقي فيه القُراء، مع شخصيات أثرت في شخصيات الأجيال المُتعاقبة.
أدار قطاع التواصل الثقافي بمكتبة الإسكندرية، برئاسة الدكتور محمد سليمان، هذا الحدث ككتيبة متكاملة، لها هيئة عمليات، ليخرج المعرض وبرنامجه الثقافي، بهذا الشكل المميز هذا العام، وبالتأكيد أيضًا هذا المعرض هو سطر مُشرف جديد في معركة الوعي التي تخوضها الدولة المصرية.
حيوية مصر الثقافية.. ستظل باقية وراسخة كعظمة المصريين عبر آلاف السنين.
[email protected]