مجموعات المصالح أحد العناصر المهمة التي تتحكم في توفير العديد من السلع والخدمات ومستويات العرض والطلب، والأسعار، وهذه المجموعات ليست شخصاً واحداً أو عدد من الأشخاص، بل عناصر متماسكة ومترابطة ومنظمة، تتحكم في تجارة سلعة أو خدمة مباشرة، مثل الدواجن، اللحوم، والخبز، والألبان وكل ما يخطر ببالك، فهذه المجموعات تتصل بصورة منظمة، ولا ترى من التجارة إلا أن تسعة أعشار الرزق فيها، بينما تتجاهل أن من غشنا فليس منا.
في الموقع الإلكتروني للهيئة العامة للاستعلامات يمكن أن تعرف اختصاصات الغرف التجارية، التي تتلخص في جمع المعلومات والإحصاءات التي تهم التجارة والصناعة وتبويبها ونشرها، وإمداد الحكومة بالبيانات والمعلومات والآراء المتعلقة بالمسائل التجارية والصناعية، وتحديد العُرف التجاري، وإبداء الرأي في إنشاء البورصات والسواحل والموانئ والأسواق والمعارض الصناعية، وكذلك منح حقوق الامتياز المتعلقة بالمرافق العامة، وفى كل الأحوال لا يجوز للغرف التجارية أن تشتغل بالمضاربات أو الأعمال المضرة بالسوق.
الاختصاصات والضوابط والمحظورات التي وضعها القانون واضحة صريحة، لكن مع التطبيق تظهر العيوب، وتتسع الأبواب للمراوغة والتحايل، فتتحول الأمور من كيانات منظمة للتجارة وضابطة للأسواق وحماية الناس، وضمان هوامش ربح معقولة ومقبولة إلى النقيض، فهناك دائماً تصريحات معلنة وأخرى خفية، لسان يقول ارفعوا الأسعار، وآخر يقول سوف تنخفض ونضخ كميات أكبر، كلمات تؤكد الدعم الكامل للمستهلك، وآخرى تستغل الأزمة وتحقق أكبر قدر من المكاسب دون حساب.
كيف يتحدث مسئول غرفة أو شعبة في الغرفة التجارية عن أسعار سلعة أو خدمة يعمل فيها دون أن يتحرك نحو مصالحه والمجموعة التي انتخبته للدفاع عن هذه المصالح، هل يمكن أن يخرج مسئول في هذه الغرف ليعلن أن هناك مغالاة في الأسعار أو ارتفاعات غير مبررة أو محاولات لفرض أسعار معينة، هل يمكن أن نجد تفسيراً عملياً لارتفاعات الأسعار التي تتم بين عشية وضحاها من أصغر بائع إلى أكبر منتج أو تاجر جملة، دون أن تكون موجهة أو تتم إدارتها من خلال مجموعات المصالح.
خلال الأشهر الماضية فوجئنا بالمخابز السياحية ترفع سعر الخبز من جنيه واحد إلى جنيه و25 قرشا للرغيف، وقد تم تطبيق القرار من أصغر إلى أكبر مخبز على مستوى الجمهورية، وكأن هناك من أرسل رسالة جماعية إلى كل هؤلاء بأن هناك رفع للأسعار، رغم أن الدولة لم تحرك سعر الدقيق، وكذلك لم تصدر أي تعليمات جديدة من شأنها رفع الأسعار، إلا أن أصحاب المصالح قرروا أن يحققوا مكاسب من خلف الحرب الروسية الأوكرانية، حتى جاءت الحكومة بقرارات حاسمة تجاه الخبز السياحي، وتدخلت في تسعيره بالصورة التي تكفل حقوق المواطن، باعتبار "العيش" سلعة أساسية لا غنى أو بديل عنها، وأعادت الأمور إلى نصابها.
يجب أن ننتبه جيداً لأصحاب المصالح، ويجب أن تكون وسائل الإعلام على وعي كامل بما يدور، لدرء نظرية ازدواج المصلحة، فلا يمكن أن تكون خصماً وحكماً في الوقت ذاته، وعلى المستهلك أن يمارس دوره الفاعل في التعامل مع بعض السلع والخدمات، ويمتنع فوراً عن استهلاكها مادامت تكلفتها مبالغ فيها، وحينها سيصبح هو المحرك الأول لقوى العرض والطلب.