طرحت الزميلة الكاتبة والباحثة المرموقة الدكتورة، أمانى الطويل، سؤالا على صفحتها بموقع «فيس بوك»: هل يجوز رفع قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الوزراء البريطانى الأسبق تونى بلير، استنادا على تقرير «لجنة تشيلكوت» الخاص بمشاركة بريطانيا لأمريكا فى غزو العراق واحتلاله، وإسقاط رئيسه صدام حسين ونظامه
التقرير المكون من مليونى كلمة وتكلف عشرة ملايين جنيه إسترلينى، انتهى إلى إدانة «بلير» فى مشاركته الرئيس الأمريكى جورج بوش «الابن»، مما دفع أمانى الطويل لسؤالها، وأهمية جدل الإجابة عليه لا يكمن فقط فى الجوانب القانونية، وإنما فى صحة وجهة نظر الذين وقفوا فى خندق مقاومة هذه الحرب وقتها، محذرين من عواقبها التى نراها فى المنطقة الآن، ومنهم هؤلاء الذين أجابوا على السؤال.
فى الإجابات على السؤال، هناك ما هو سياسى، كتشديد الكاتبة والمناضلة أمينة شفيق على أنه «لا بد من المطالبة بذلك حتى لو خسرناها»، «تقصد خسارة الدعوى»، وتنبيه المحامية وفاء المصرى إلى أن كولن باول وزير الخارجية الأمريكى وقت الغزو، اعترف بأنه كان هناك معلومات خاطئة كما اعترف بلير وقدم استقالته، أما فى الشق القانونى، فطالب المحامى عمر الشال بالاتصال بالدكتور على الغتيت المحامى لترتيب هذا الملف مع الدكتور حسام عيسى، وأكد المحامى طارق نجيدة أن اعترافات بلير لها غطاء ودعم سياسى مدروس ولديه ضمانات واستشارات قانونية لعدم ملاحقته قضائيا، ومع ذلك فليحاول البعض، وأشار الدكتور مصطفى كامل السيد إلى أنه لا بد من أن تكون هناك دولة تقبل أن تشكو بلير كمجرم حرب، وتساءل: هل توجد مثل هذه الدولة؟ وقال: لا يمكن أن تأتى الشكوى من مجلس الأمن الذى تتمتع فيه كل من بريطانيا وأمريكا بحق الفيتو.
وأبدى الكاتب الدكتور محمد بسيونى ملاحظات مهمة، قائلا: الجنائية الدولية تقبل قضايا من أفراد فيما يخص أربعة جرائم، منها الإبادة الجماعية، ولا تحتاج للحكومات والدول مثل العدل فى جنيف، وأهالى الضحايا من العراقيين فى المنطقة التى خضعت للاحتلال من القوات البريطانية، يمكنهم تقديم بلير ووزير دفاعه كمجرمى حرب بالمسؤولية التضامنية تبعا للقانون الدولى الإنسانى، ويضيف بسيونى: يبقى هنا اتخاذ الإجراءات المتبعة فى إثبات جرائم الحرب التى تخضع لتوصيف ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم، ومعظم دول أوروبا اعتمدت القانون الدولى الإنسانى ومواثيق حقوق الإنسان ضمن نظامها القضائى، ويمكن تقديم قضايا أمامها لجرائم وقعت خارج حدودها بشرط أن يكون المتضرر من مواطنيها، ومنها بلجيكا وفرنسا وألمانيا وغيرها.
وفيما يطالب الباحث عبدالنبى عبدالمطلب، منظمات المجتمع المدنى فى مصر برفع دعوى أمام «الجنائية الدولية»، لأن انتظار الحكومات لن يفيد فى شىء، ينبه عبدالله خليل المحامى، إلى تصديق بريطانيا على اتفاقية روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية، والجرائم التى ارتكبتها القوات البريطانية فى العراق قائمة فى حقهم، والأهم هو توثيق الجرائم بشكل منهجى قبل قرار التقدم بملف الدعوى لـ«الجنائية الدولية»، والدول العربية التى صدقت على اتفاقية روما هى الأردن وجيبوتى وتونس واليمن والسلطة الفلسطينية، ويشير محمود قنديل المحامى، إلى أن التقاضى وتحريك دعوى أمام «الجنائية» مقيدة بطرق ثلاث، 1 - دولة طرف فى نظام المحكمة والدول عربية الأطراف هى، الأردن، جيبوتى، جزر القمر، فلسطين، تونس، -2 دولة ليست طرفا ولكنها تقبل اختصاص المحكمة، -3 عن طريق مجلس الأمن وفقا للمادة 13/ب من نظام المحكمة، إذا كان مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، كما حدث فى ملف دارفور والرئيس السودانى عمر البشير، وهناك طريق ثانى يتركز فى الدول التى تطبق نظام الولاية القضائية الدولية وهى تقريبا 13 دولة فى أوروبا، ويسمح قانون الإجراءات الجنائية فيها بامتداد ولاية المدعى العام/النيابة العامة، بالتحقيق فى الجرائم الأكثر جسامة كجريمة الحرب، والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، على أن يكون التقديم من صاحب مصلحة وصفة ومؤيد بالأدلة والوثائق، وضد متهم معين، وفقا لقاعدة «شخصية الجريمة والعقوبة».