مازلت أرى أن قطاع شركات التأمين على الحياة أحد المجالات الواعدة، التي يمكن الاستثمار فيها بشكل جاد وناجح خلال الوقت الراهن، خاصة مع سيطرة المخاوف على الأسواق الناشئة والكبيرة أيضاً، بالإضافة إلى حدة الأزمات الاقتصادية الصعبة التي تدفع آلاف المواطنين نحو البحث عن سبل آمنة لتأمين مستقبلهم والحفاظ على مدخراتهم وحماية أسرهم، لذلك تنشط قطاعات التأمين في هذه الأجواء، وتسعى إليها أعداد غير قليلة من الجماهير .
للأسف وضع شركات التأمين على الحياة يواجه العديد من المشكلات المرتبطة بفكر التأمين، ومنطق التعامل مع زبائنها، بداية من عمليات المطاردة التي لا تتوقف قبل التوقيع على وثيقة التأمين، مروراً بالوعود الخادعة والقدرة على الإيهام بأنك ستحصل على مبالغ طائلة، في حين أنك لن تحصل إلا على مادفعت، يضاف إليه هامش ربح بسيط، حال استكمال المدة القانونية للوثيقة، التي غالبا لا تقل عن 10 سنوات.
وحتى نخلق منظومة وعي حقيقي بثقافة التأمين في المجتمع المصري، دعونا نضع مجموعة من التوصيات والحلول التي يمكن من خلالها تعظيم الاستفادة، سواء للأفراد أو الشركات على حد سواء، دون التوقف عند المصطلحات الفنية أو التفاصيل الهامشية، التي تحول دون انتشار ثقافة التأمين في مصر.
أولاً :- يجب أن تسعى شركات التأمين لتغيير صورتها الذهنية في المجتمع، وتتخلى عن الأفكار القديمة التي كانت تضعها في منطقة يشعر معها الزبون أنها بلا فائدة أو تحتال عليه للحصول على أمواله.
ثانياً :- خدمة العملاء في شركات التأمين على الحياة ليست بخير، وتعاني عشرات المشكلات، بداية من التواصل مع الزبائن وطريقة إقناعهم بشراء الوثائق، حتى تجاهلهم في إرسال كشوف الحساب والشفافية المطلوبة في توضيح حقوقهم.
ثالثاً: - أحد أهم أخطاء شركات التأمين على الحياة ، الاعتقاد الخاطئ أن العملاء الحاليين ليسوا أهدافاً يجب الحفاظ عليها أو إخضاعها لجلسات إقناع وتواصل من حين لآخر، فهؤلاء العملاء ثروة الشركة الحقيقية، وبدونهم لن تنجح الشركة في جذب عملاء جدد، فالتأمين يعتمد بصورة مباشرة على الاتصال والإقناع الشخصي، ولن يصل للناس من خلال الإعلانات المباشرة أو استخدام المشاهير في الدعاية.
رابعاً:- الشروط والأحكام، والمصروفات الإدارية، مفاهيم تضرب صناعة التأمين في مقتل وتدمر ها، حتى باتت الصورة الذهنية لدى السواد الأعظم من الناس أن "تصفية وثيقة تأمين" قبل انتهاء مدتها سيدفعك نحو خسارة نصف ما دفعته على مدار سنوات، وهذا غالباً يحدث في بعض الحالات.
خامساً:- الشركات الأجنبية التي تعمل في مجال التأمين على الحياة في مصر، رغم سمعتها الدولية وصيتها الذائع، إلا أن من يعمل بها من موظفين وإداريين وخدمة عملاء مازالت تغيب عنهم ثقافة التأمين، ومقوماتها الحقيقية.
سادساً:- لو طلبت من موظف شركة التأمين على الحياة أي خدمة قبل التوقيع على الوثيقة سيقدمها لك عن طيب خاطر، كأن تطلب هاتفه الخاص أو عنوان سكنه أو حتى المقهى المفضل الذى يذهب إليه، في حين بعد التوقيع والتحول من صفوف العملاء المحتملين إلى العملاء الفعليين لن يرد عليك أحد، وستنتظر على الخط الساخن فترات طويلة حتى تجد من يسمع طلبك، وحينها سيُعقد لك كل شيئ ويشعرك أنه ليس من حقك الحصول على أي بيانات أو معلومات عن وثيقة التأمين.
سابعاً:- مع بداية الدراسة تتجه شركات التأمين لحيلة ذكية في المدارس الخاصة، حيث تحصل على بيانات التلاميذ وترسل معهم وثائق وأوراق للمنزل من أجل التوقيع عليها، وتتصل بأولياء الأمور لإبلاغهم أن العرض وقع عليهم للتمتع بخدمات غير مسبوقة، وأنها فرصة ذهبية يجب عليه عدم إضاعتها، لذلك احذروا من هذا.
ثامنياً وأخيراً:- لا تقبل عروض شركات التأمين على الحياة قبل دراستها جيداً وعليك أن تتأكد من المزايا والمكاسب التي ستحصل عليها في نهاية الوثيقة، فهذه الشركات لن تمنحك أموالأ مجانية، بل تستهدف الربح قبل أي شيئ، لذلك احرص أن يكون الربح أهم أهدافك.