فى أى منظومة تريد النجاح، وتحقيق وسائل استمراريتها، يجب أن يكون لديها أسس واضحة لتحقيق أهدافها عبر وسائل وأسس محددة وقابلة للتطوير، وتلك الأسس والوسائل تستوجب تواجد كوادر بصفات محددة، أهم تلك الصفات هي التجرد والإخلاص لتلك المنظومة، والسعى لتحقيق هدفها العام، وتطويع الأهداف الخاصة لمسايرة الهدف العام، وذلك حتى يتوفر لتلك المنظومة مفهوم الاستدامة، والاستمرارية، والتوسع المستقبلي.
وما أذكره وتذكره كتب ومجلدات في وسائل نجاح التجارب والمشاريع والمنظومات، أرى أنه يجب أن يتم ذلك تحت عنوانين رئيسيين لا ثالث لهما، والعنوانين هما "الفكر" و"التنظيم"، ويمكننا الحديث فيهما باستفاضة لو أنهما عناوين غامضة، لكنهما عناوين شارحة وواضحة وربما يجب وضعهما أمام كل عضو في أي منظومة.
فالمسار الأول لنجاح المنظومة، هو ضرورة و وجوب تواجد "فكر" يحكم عمل تلك المنظومة، وذلك الفكر يجب أن يجمع بين القراءة و تفهم التجارب السابقة التاريخية، ثم تطويع تلك القراءات، ومقارنتها بتطور البيئة المحلية، لصناعة المزج المطلوب القابل للتطور، وكذلك المرونة لدعم الافكار الخاصة والفروق الشخصية، حتي ينجح الجميع، وبالتالي و نتيجة منطقية لتطبيق مفهوم الفكر المعتمد على قراءة التاريخ، فإن الأشخاص المسئولين عن عملية صناعة الفكر وطرح الرؤى على المستقبلين الجدد، يجب أن يكون لديهم هم أيضا وسائل فرز منطقى لمن لا يستطيع التجاوب مع ذلك الفكر، واستبعاد العناصر النفعية و الانتهازية، و العناصر غير المفيدة للمنظومة.
وتطبيق وسيلة الفرز، هو الوسيلة المنطقية والحتمية للحفاظ على النجاح، لأن نجاح الهدف يجب أن يكون عبر شخصيات ناجحة، أو شخصيات لديهم من المرونة والصفات التى تجعلهم قد يستقبلون ذلك الفكر مستقبلا، وعملية اكتشاف تلك الصفات في الأشخاص الموضوعين في خانة المرشحين للاستبعاد، يجب أن يكون مرجعيتهم لشخصيات متجردة من الانحيازات، و لديهم رغبة في دعم الهدف العام.
ثاني وسائل نجاح المنظومات الفاعلة، والراغبة في النجاح، هو ضرورة توفر تنظيم صلب و قوي وحاسم، يجمع بين المرونة و القدرة على التدخل الحاسم في الوقت المناسب، وفي عنصر التنظيم يجب أن يكون هناك قيادات ذات مسئولية منضبطة، ولديهم وسائل تحقيق مبدأ الثواب والعقاب، بدون تحيز أو هوى، و كما أقول دائما " فالتنظيم أهم من أي عنصر آخر في مسار نجاح المنظومات"، وعبر التنظيم القوي يمكننا ضمان المعلومة، والتوثيق، ووضع الأهداف العامة، ومساعدة الأعضاء فى تطوير أدواتهم، و تحقيق المصلحة العامة عبر رضاء العاملين في المنظومة، وتحقيق أهدافهم الخاصة التى لا تتعارض مع مصلحة المنظومة، وحتي يكون هناك توافقا حول المستقبل.
ولذلك فمسئولية التنظيم الأولى هي خلق حالة التفاعل الدائم بين الأعضاء، حتي لا تتسرب الصفات غير الجيدة بين أعضاء المنظومة، مما يكون له نتيجة سلبية و غير متوقعة.
وأخيرا فكل عنصر في نجاح عمل المنظومة يجب أن ينبثق عن هذين المحورين، الفكر والتنظيم، حتى نستوعب كافة التجارب، و نكون وسائل استدامتها و نجاحها.