في إطار كتابة سلسلة مقالات تحت عنوان "ماذا لو ؟" نُسلط الضوء اليوم عن قضية تعد القضية الأم للعرب عامة ولمصر خاصة، ألا وهى القضية الفلسطينية، ندق من خلاله ناقوس الخطر حال تهميش المجتمع الدولى للقضية في ظل الانشغال بالحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العالم أجمع من توترات سياسية واضطرابات اقتصادية وتخوفات مستقبلية، وقبل ذكر التخوفات والأخطار نؤكد في البداية أن حلَّ القضية الفلسطينية هو أحدُ المفاتيح الرئيسية لاستقرار المنطقة، فماذا لو تم التهميش وترك إسرائيل الذى تعد بطبيعتها دولة عدوانية، تواصل الاستيطان والتوسع والاستفزاز وفرض سياسة الأمر الواقع؟
مؤكد أن التهميش يدفع إسرائيل إلى مواصلة الانتهاكات والاستفزازات، وهذا ما يحدث الآن للأسف أمام أعين المجتمع الدولى باستغلال الأعياد اليهودية وتوظيفها توظيفا سياسيا، وكذلك الواقعة المؤسفة الخاصة بتمزيق نسخ من المصحف الشريف وحرقها، فى مشهد يبرهن على الهمجية الصهيونية وإرهابها وعنصريتها البغيضة، وسط صمت من المجتمع الدولي، وعدم القيام بدور جاد تجاه حرمة الشعوب ومقدساتها، خلاف مواصلة الجرائم التي تغذي مشاعر العنف والكراهية، وتضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط.
وقطعا فإن هذا التهميش سيؤدى إلى تفاقم الأوضاع وعدم الاستقرار في المنطقة ككل مما ينذر باضطرابات في المستقبل، خاصة أن صمت المجتمع الدولى وازدواجيته أصبح واضحا وضوح الشمس وقت الظهيرة بعد طريقة التعاطي مع القضية الأوكرانية بقرارات وتوصيات وتدخلات خلاف تعاطيه مع القضية الفلسطينية وتركها عقودا طويلة دون اتخاذ أو تنفيذ قرار أممى واحد ينتصر للفلسطينيين رغم جرائم الحرب اليومية التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني.
غير أن هذا التهميش سيجعل الأمور أكثر سخونة ويُقلل من احترام مسارات السلام والتفاوض، لأنه ببساطة الشعب الفلسطينى ليس لديه ما يخسره فلن يبخل بدمائه أبدًا، خلاف أن هذا يٌنذر باشتعال المنطقة ككل لأنه في ظل الاستقطاب العالمى الحادث الآن، فسيعمل كل قطب على توظيف القضية الفلسطينية لخدمة صراعه الرئيسى وهنا مكمن الخطر.
واعتقادى أيضا أن التهميش سيؤدى إلى استحالة مبدأ "حل الدولتين" لأن التداخل السكاني بين الشعبين الفلسطيني واليهودي نتيجة التوسع في الاستيطان من قبل الكيان الصهيونى لا يمكن ترسيمه جغرافياً، وأن الهوية الوطنية لا يمكن طمسها بالتجنيس، وبالتالي فإن مشروع حل الدولتين الذى يعترف به العالم أجمع منذ تم طرحه في الأمم المتحدة عام 1947، والذى قام على أساسه اتفاق أوسلو 1994، سيصبح من المستحيلات.
خلاف أن هناك أمرا لا يقل خطورة عن سابقه أن التهميش سيعزز الأصوات التى بدأت تعلو خلال الفترة الماضية برفض الالتزام بكافة مبادرات السلام السابقة مع الكيان الصهيوني، وهو ما يجب أن يضعه المجتمع الدولى في الاعتبار لأنه سيؤدى إلى تفاقم الأوضاع في ظل سعى وإصرار اسرائيل تكريس التقسيم الزماني والمكاني في الأقصى، وفرض وقائع تغير من الوقائع التاريخية للأقصى، وتنفيذ استراتيجية تفريغ المسجد الأقصى المبارك.
وأخيرا نكرر ما أكدنا عليه في بداية المقال أن حلَّ القضية الفلسطينية هو أحد المفاتيح الرئيسية لاستقرار المنطقة شاء المجتمع الدولى أم أبى..