هل أصبحت أرواح وممتلكات العباد تحت رحمة البلطجية وعبث لجان المصالحات العرفية؟
ونحن بصدد انتظار حركة الشرطة التى ستعلن عنها وزارة الداخلية خلال أيام قليلة، أضع أمام اللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية، بعض الحقائق المهمة، ربما لا تتضمنها التقارير الرسمية بكل مسمياتها، من سرية إلى سرية جدا، إلى سرى للغاية، التى يضعها رجالك بين أيديكم، بشكل دورى عن الأداء الأمنى فى طول البلاد وعرضها.
بداية، لا ينكر جهدكم فى الفترة التى توليتم فيها مسؤولية وزارة الداخلية، إلا مغرض، وتحديدا فى الأمن المعلوماتى، واستطعتم تقليم أظافر وكسر أنياب الجماعات المتطرفة التى استباحت وانتهكت حرمة الشوارع فى القاهرة وعددا من المحافظات فى مسيرات شبه يومية، وكل يوم جمعة استطعتم أن تعلوا من شأن الأمن المعلوماتى، وتتوصلوا إلى معرفة الخلايا المتطرفة التى كانت لا تعد ولا تحصى، وتنفذ إجرامها فى حق الأبرياء، يوميا، وبشكل آمن، كونها بعيدة تماما عن الأعين الأمنية، فى تحركاتها ورصد مخططاتها. وهنا أهمس فى أذن اللواء مجدى عبدالغفار، وأقول له، لابد أن تضع خطة عاجلة، وقوية، للنهوض بالأمن الجنائى، وأن تضع عنوانا عريضا للحركة المقبلة، مفاده، إعادة مجد الأمن الجنائى، والقضاء على دولة البلطجية. خطة النهوض بالمباحث الجنائية أصبح مطلبا جوهريا لإعادة أمن وأمان واستقرار البلاد، لما تمثله من مخاطر كارثية على أمن وأرواح وممتلكات المواطنين، فلا يعقل يا معالى الوزير، أن تترك الأمن الجنائى لمزاج وأهواء مديرى الأمن، ورؤساء المباحث فى المديريات وأقسام ومراكز الشرطة.
معالى الوزير، أمامك فرصة ذهبية فى حركة الشرطة المقبلة، لإعادة مجد الأمن الجنائى بكل قوة وفاعلية، باعتباره عمود خيمة أمن وأمان واستقرار البلاد بشكل عام، والصعيد بشكل خاص، لتكتمل المنظومة الأمنية بين جناحين مهمين، الأمن المعلوماتى، والأمن الجنائى. وتكتسب مصداقيتنا فيما نقوله هنا فى مساحة مقالنا اليومى، من واقع معلومات مؤكدة، ومعرفة قوية بخريطة التركيبة السكانية فى الصعيد، وأستطيع أن أقول لكم، الصعيد على حافة بركان، يمكن أن ينفجر فى أى لحظة، نظرا للأداء الأمنى المتردى، ولا نريد أن ندفع به فى خانة توصيف «المؤامرة»، وقلنا وحذرنا من المثلث الخطير، الشبيه بمثلث برمودا «بنى سويف والمنيا، وهما يمثلان قاعدة المثلث، والفيوم، وتمثل رأس المثلث». ومع ذلك جعلت القيادات الأمنية ودنا من طين، والأخرى من عجين، فتفاقم الأمر وأصبح خطرا، ورأينا وسمعنا عن ارتكاب عددا من الجرائم الخطيرة التى هزا بعنف استقرار الشارع الصعيدى.
لا يمكن يا سيادة الوزير، أن يتم تعين قيادات أمنية وفقا للتوزيع الجغرافى، فنجد ابن قنا يتم تعيينه قياديا أمنيا فى قنا، وابن المنيا يتم تعيينه قياديا فى المنيا، هذا أمر كارثى بما تحمله الكلمة من معنى، ويشبه طريقة تعيين أبناء العاملين، دون النظر للقدرات والكفاءات المهنية، ومعايير النجاح. طريقة التوزيع الجغرافى، جلبت المحسوبية، ورسخت للواسطة، وعمقت للفساد الإدارى، وحلت قوانين «جبر الخواطر والطبطبة ومعلهش» بديلا لدولة القانون، فغاب الأمن نهائيا عن محافظات الصعيد، ولا وجود لضباط المباحث، ولا مديرى الأمن، وأصبحت لجان المصالحات العرفية بكل كوارثها، هى المسيطرة، وتحولت قرى ونجوع ومدن المحافظات المختلفة، مخازن وترسانات أسلحة، بدأت تتسلل إلى أيدى الجماعات المتطرفة، وأصبح البلطجية عنوانا عريضا ومهما، فى إدارة دفة التحكم فى الأمور. لذلك وجدنا جرائم لم تعتدها محافظات الصعيد، مثل تعرية النساء فى المنيا، والسطو المسلح على المصالح الحكومية مثلما حدث فى قنا، واختطاف، وسرقات بالإكراه، واغتصاب الممتلكات.
هل يعقل أن تستمر عائلتان فى إحدى قرى مركز دشنا، محافظة قنا، فى تبادل إطلاق الرصاص بكل أنواع الأسلحة الثقيلة، من الجرونوف والرشاشات الكورية ومضاد للطائرات والأسلحة الآلية، طوال أول أيام عيد الفطر، والسيد مدير أمن قنا جالس خلف مكتبه، والسادة رؤساء مباحث دشنا ونجع حمادى لم يحرك لهم ساكنا، وكانت النتيجة إصابة 8 ومقتل مواطن بعد إصابته بحالة رعب وهلع، ما أدى إلى إصابته بأزمة قلبية؟ هل من الطبيعى أن كل يوم ينام كل مواطنى شمال قنا على أنغام أصوات الرصاص؟ هل من المنطقى أن البلطجية يتحولون إلى أصحاب القرار الحقيقين، وضباط المباحث يستعطفونهم، ويرجونهم عدم ارتكاب جرائم القتل وسلب الممتلكات؟
معالى وزير الداخلية، الوضع جل خطير، وسيكون وبالا خلال الأيام القليلة المقبلة، فالظلم بلغ مداه، والبلطجية فوق رؤوس رجال الأمن، والشرفاء يشعرون بفداحة ومرارة غياب الدولة، ولن يصبروا طويلا، وأن مدير أمن قنا ورجاله، تَرَكُوا الحبل على الغارب لكل من يريد خرق القانون، وارتكاب كل أنواع الجرائم. معالى الوزير، اطلب من رجالك الشرفاء، إعداد إحصائية عن عدد الجرائم ونوعيتها فى الصعيد بشكل عام، وشمال قنا بشكل خاص، وأتحدى، فسوف تصاب بصدمة كبيرة. الوضع خطير، وأخطر من أى تصور، أو خيال جامح لرجل أمن عتيد، وإذا استمر الوضع على نفس هذا الأداء الأمنى المتردى فى الصعيد، وقنا على وجه الخصوص، فلا تلومن إلا أنفسكم. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.