لكل شيء بداية حتى يستمر، ولكل نقطة تدفعك للأمام يد عون وهبت لك بعض الأمل، الذي قد يمدك بالطاقة طوال الطريق، هكذا تعلمت وهكذا أمنت أن للخير أكثر من يد لكي يصل إلى مَن يستحق، كما علمتني أمي بأن ما ينفق منا ليس لنا، بل نحن وسيلة لتوصيله في مكانه الصحيح، مثل زراعة الخير، فنغرز لها بذور الحب والعطاء ونرويها بالإيمان بالله وابتغاء مرضاته.
حتى في الثقافة الشعبية نجد أمثال مثل "إيد لوحدها ماتسقفش" وأيضًا القصة التي مرت على العديد من الأجيال، والتي تتحدث عن عدم استطاعتك كسر كمية من خشب البوص مُجتمعة، ونقيض القصة في "فرق تسدْ"، كل تلك الأمثال والحكم لم تخلُ من إعلاء فكرة التعاون والتكاتف، حتى دينيا يقول الله تعالي في كتابه الكريم: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.
إن تلك الأمثال والحكم والنصوص تؤكد هيمنة فكرة التغيير ولكنها تضع لها شروطًا، فالفرد يمكنه إحداث تغيير ولكن تغيير نسبي، قد لا يستطيع الانتشار والمواصلة والاستمرار، ولكن في ظل عمل مجموعة تستطيع إحداث أثر فعال من كل الجوانب، الأمر الذي ينبغي الاهتمام به والتركيز عليه.
تعددت المبادرات في السنوات الأخيرة ولكن "كتف في كتف" تظل الأكثر أهمية لكونها قادرة على إحداث أثر أكبر وتغيير جذري وشامل لكل قطاعات الحياة، بل وتدخل أيضًا في الجانب الإنساني بقوة عن مثيلاتها من المبادرات، جعلتني أستعيد ذكريات الماضي وكيف نعاود من جديد لزرع قيمة العطاء بل وجعلها أحد الأعمدة الأساسية لمساندة وطن، وأيضًا تعميم فكرة المساندة، مساندة ابن في دراسته أو زميل في عمله أو محتاج وعفيف النفس حالت الظروف بينه وبين مطلبه، وجدت أن أقل أنواع المساندة هي بالكلمة والتشجيع، فالكلمة تستطيع إحداث أثر أكبر من حيث كونه قادرًا على إحداث تغيير معنوي ومن الداخل، ابدأ بنفسك وادعم من حولك ولو بكلمة طيبة، ابحث عن كل محتاج قريب من محل سكنك أو عملك وبادر بمساعدته ولو بالقليل، اجعل الخير يغزو قلبك طول العام وليس في المواسم فقط.
التكاتف شريطة أخلاقية وثقافية ودينية، تستحق أن تُعمم بأكثر من ذلك، كتف في كتف تستحق أن تتحول لمنهج عملي لأطفالنا لجعلهم جيل محب للتعاون والمساندة، التكاتف يستطيع تغيير أمم للأفضل.