قبل عدة سنوات أصدر وزير التموين الدكتور على المصيلحى قرارا تنظيميًا بشأن "مستودعات الدقيق المدعم"، حيث اشترط على المستودع تسديد قيمة تأمينية "محددة" قبل الحصول على الدقيق لتوزيعه على بطاقات التموين، وبشأن أى قرار جديد تجد الريبة وقد دبت فى نفوس من تشملهم هذه القرارات دون حتى معرفة أسباب القرار، لكن لا بأس، فقد تخلفت بعض "المستودعات" عن دفع القيمة التأمينية كاملة، فما كان من الجهات المختصة إلا أن لجأت إلى استقطاع جزء من حصص الدقيق المخصصة للمستودعات غير الملتزمة بالقرار.
الجهات المختصة كانت مرنة لأبعد الحدود مع أصحاب تلك المستودعات فأعلنت مد فترة تسديد القيمة التأمينية، فالتزمت بعض المستودعات بدفع قيمة التأمين، فى حين استمر البعض الآخر فى التعنت وعدم الانصياع للقرار التنظيمى، فما كان من الوزارة المختصة إلا أنها لجأت إلى تطبيق القرارعلى المستودعات غير ملتزمة.
ظن أصحاب تلك المستودعات في قرية «طناش» بحى الوراق فى محافظة الجيزة، وبعض الظن إثم، أنهم سيحصلون على حصصهم كاملة دون دفع قيمة التأمين كاملة، ولسان حالهم" الناس راحت دفعت مبلغ التأمين كله، واحنا دفعنا النُص وهناخد حصتنا عادي"، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، استيقظ هؤلاء بخصم نصف حصتهم من الدقيق، وقتها علموا بجدية القرار، لكن بعد فوات الأوان.
صاحب المستودع غير الملتزم بالإجراءات التنظيمية لا يعنينا في حقيقة الأمر، فالشاهد هنا أن عدم التزامه أثر سلبًا على أهالينا البسطاء الذين يتحصلون على الدقيق من تلك المستودعات، فلا ذنب للمواطن على الإطلاق بالإجراءات العقابية، حتى تفاجأ المواطن البسيط عند صرفه للدقيق، بخصم نصف حصته على الأقل بحجة عدم استلام صاحب المستودع لحصته الكاملة من الدقيق.
المواطن أصبح في حيرة من أمره، بعد أن تحولت رحلة الحصول على كامل حصته من الدقيق إلى معاناة مريرة يتكبدها شهريًا، وهل يسلم الأمر عند هذا الحد؟.. بالطبع لا.. لجأ بعض "البدالين" إلى "خطط جهنمية" كمساومة المواطن البسيط، حين اشترط هؤلاء القوم على صرف التموين من بقالته أولا ليتحصل لاحقا على كامل حصته الشهرية من الدقيق.
بعد أن ضاقت السُبل بهم، اضطر العديد من مواطنى قرية "طناش" للذهاب إلى القرى المجاورة والبعيدة ليتمكنوا من الحصول على حصصهم الشهرية من الدقيق، ليتضح لنا في نهاية المطاف أن الذى دفع ثمن عدم التزام "أصحاب المستودعات" هم مواطنو القرية البسطاء، فهل يجد هؤلاء حلا ينهى معاناتهم المستمرة؟.