مبكرا جدا على كتابة تاريخ ثورة 25 يناير أو 30 يونيو. إذا كانت ثورة 23 يوليو قطعت 64 سنة وما تزال محل خلاف واختلاف، ثم إن التاريخ لا يكتب على طريقة «إنه كان هناك»، حيث يسارع كل فرد بكتابة يومياته. هى شهادات فردية يمكن لكل منها أن تمثل جملة أو لا تمثل أى شىء. ورأينا بعض المراهقين ممن سارعوا بعد 25 يناير للمقارنة بين 23 يوليو و25 يناير، مع تجاهل الظرف التاريخى والسياسى والاجتماعى. وحتى بمقياس عدد السكان، الذى تضاعف أكثر من أربع مرات.
مع الأخذ فى الاعتبار أن ثورة يوليو كانت تحولا فى التاريخ والجغرافيا، بصرف النظر عن موقف الشخص منها، ثم إنها بعد أكثر من 6 عقود لاتزال محل تأثير وجدل، يعنى أهميتها وجمال عبد الناصر الراحل قبل 46 سنة يفرض وجوده بقوة، ويبقى حاضرا مع أجيال لم تعاصره وولد بعضهم بعد رحيله بعقد وربما عقدين.
حتى الضباط الأحرار أنفسهم الذين شاركوا فى الثورة، أغلبهم نشر مذكراته فى السبعينيات والثمانينيات، بعضها موثق والبعض الآخر مجرد حكايات.
تختلف رواية كل ضابط عن غيرها، فما ذكره ثروت عكاشة، قد يختلف أو يقترب مما رواه عبد اللطيف البغدادى، وجاءت شهادة خالد محيى الدين متأخرة فى التسعينيات. وهناك شهادات نشرها الرئيس أنور السادات، أثناء كان نائبا للرئيس عبد الناصر، ثم شهادة أخرى نشرها بعد أن تولى الرئاسة وبينهما بعض الاختلافات والتفاصيل. ناهيك عن ما كتبه الراحل أحمد حمروش «قصة الثورة»، ورواية جمال حماد.
قد يعنى الاختلاف فى الروايات أن أحدها صحيح، وقد يعنى أن هناك رواية نقلا عن آخرين، وأخرى كان الراوى طرفا فيها. وتؤيدها شهادات أخرى. يضاف لذلك ما يتوفر من وثائق تؤيد وجهة النظر أو تنفيها، عندها يكون الكلام مختلفا. ولا يمكن تجاهل العوامل الشخصية، ومدى قرب هذا الشخص أو ذاك من الرئيس أو السلطة عموما. كلها شهادات تمثل موادا خاما للتاريخ، وليست أحكاما نهائية، ومن يتعامل مع جزء يناسب هواه ويتجاهل الباقى، لا يكتب تاريخا بل يبدى رأيا، وربما لهذا يأتى الخلط، بين الأطراف المؤيدة أو الرافضة، التى تتعامل بطريقة تشجيع كرة القدم. وهى حالة تنميها مواقع التواصل، التى لا تحتمل النقاش، لا تفيد فى تحليل أو فهم، لكنها تصنع حالة جدل متناقضة. ونرى بعض من يمجدون فى الفترة الملكية، متجاهلين وقائع وصراعات وظروف موضوعية أدت لما تم، وفى حساب التقييم يتم حسب حجم الطبقات الاجتماعية التى استفادت التى خسرت، وهى تفاصيل معقدة لا ينفع معها بوستات ومدرجات.