يرى أن الجيوش ليست لها أهمية وهى نظرية تتطابق مع ما يفعله أردوغان بالجيش التركى
كلما وقع نظرى على وجه الدكتور عصام حجى، شعرت بأنه شخص هارب من مركز «العته العصامى»، وعندما أستمع إليه، أشعر بأن الرجل لا ذهب لمدارس ولا حتى حصل على أى نوع من أنواع الشهادات، من الابتدائية، للإعدادية، للثانوية، للجامعة، أو حتى الدبلوم.
وعندما تنصت إليه، تتأكد أنه من مواليد النكبة، مثل نكبة 1948، أو النكسة، مثل نكسة 67، لذلك يحمل من جينات شخصية «قاسم السماوى» الكثير، وهى بالمناسبة، شخصية سطرها قلم المبدع والعبقرى، أحمد رجب، وأشهر إفيهاتها «جتنا نيلة فى حظنا الهباب»، نقمة وغضبًا وسخطًا على كل من حوله.
لذلك لا تتوقع من مثل شخصية الدكتور عصام حجى إلا كلامًا سامًّا، ناقمًا، على مجتمعه ووطنه، وخلال الساعات الماضية خرج علينا بحوار عبر شاشة التليفزيون العربى، وهى القناة الممولة من قطر، وتتحدث باسم الإخوان، ليتقأ سمًّا فى جوف مصر، حيث طرح أسئلة فى منتهى الخطورة والخبث، من نفس عينة أسئلة «قاسم السماوى».
وأخطر سؤال طرحه فى الحوار: «هو الجيش بيشترى سلاح ليه؟» والحقيقة أنا مش عارف أضحك ولا أبكى من شدة تأثرى من طرح السؤال اللوذعى العبقرى الحلزونى، وبدورى أسأله: ما هى استراتيجية مهام الجيوش سوى التسليح والتدريب والإعداد الجيد لمواجهة أي مخاطر تواجه الأوطان؟ وهل طبيعة الجيوش، شراء «العسلية أو الملبن أو لبان دكر؟»، خاصة أنه معلوم بالضرورة فى أى مكان فى الدنيا أن هدف الجيوش الأول، امتلاك الأسلحة المتطورة والحديثة، ومواكبة آخر ما توصلت إليه الأبحاث العلمية والتكنولوجية فى العلوم العسكرية.
لكن، سؤال عصام حجى، لابد أن يوضع فى بؤرة دائرة الشك ولا يمكن تجاهله وأن ندعه يمر مرور الكرام، فيما يتعلق بتوقيت وأهداف طرحه، خاصة جملته التى قالها نصا: «الجيش مالوش لازمة»، وهى المقولة التى يرددها حاليا أردوغان والإخوان، بل ينفذونها على أرض الواقع، من خلال كسر وإذلال الجيش التركى برمته، وتسريح ضباطه وجنوده، وإغلاق المدارس والمعاهد والكليات العسكرية!!
العجيب أن عصام حجى يخرج علينا متدثرًا بعباءة العلم والعلماء، وأنه فلتة عصره وأوانه، الذى استطاع أن «يدهن الهواء دوكو»، ومعلوم أن العلماء يكرسون جهودهم ووقتهم فقط فى العمل البحثى، واكتشافاتهم، لكن الدكتور عصام حجى، كرس وقته وجهده فقط فى السياسة، مستخدمًا كل أدوات النقد الهدام ضد مصر ومؤسساتها، سواء من خلال إلقاء المحاضرات فى الجامعات الأمريكية وغيرها، أو المؤتمرات والحوارات التليفزيونية أو الصحفية، وكلما تحدث، أظهر كما مفرطا من الأمية الشديدة.
عصام حجى، المحلل لجماعة الإخوان، وتلميذ البرادعى، خرج علينا أيضا فى نفس الحوار باقتراح ليس له مثيل سواء فى أعتى الدول الديمقراطية، أو حتى الدول المتخلفة، مفاده أن «العمل الجماعى وروح الفريق.. يستتبع بالضرورة أن يكون هناك مجلس رئاسى يحكم وليس رئيسا منفردا»، ونسأله أيضا: هل هناك دولة يحكمها مجلس رئاسى فى أى قارة من القارات؟ وإذا كانت التجربة مطبقة فى أى مكان فعليه أن يعطى لنا نموذجا واحدا ؟ وهل المجلس الرئاسى هذا سيتم انتخابه أم تعيينه، وهل نضمن عدم التنازع على الصلاحيات؟
عصام حجى يتخيل أن الحكم وقيادة الدول عبارة عن معمل كيميائى، أو عمل بحثى يقوده فريق، وكونه رجلاً يعمل فى الفضاء فإن خياله يسرح به إلى أبعد مدى، معتقدًا أنه يفهم فى كل شىء، وعلى الجميع أن يرضخ لنظرياته وأطروحاته، وهنا الكارثة.