لم نسمع من وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار ولا أى قيادة بالوزارة أى تفسيرات للحركة الأخيرة واستبعاد هذا العدد الضخم من اللواءات والعمداء سوى أن هناك رغبة فى تجديد الدماء ومنح فرصة للشباب فى تولى المواقع القيادية، إضافة طبعًا إلى المبرر الدائم فى حركات الداخلية طوال السنوات الأخيرة وهو التخلص من بعض العناصر المرتبطة بفساد أو تجاوزات تسيء للوزارة، ورغم تحفظى على بعض الغموض الذى أحاط ببعض من تضمنت الحركة خروجهم، لكنى أحترم حق الوزير فى أن يعيد تشكيل الوزارة وفق رؤية تقوم على تحسين صورة الشرطة وإعادة اللحمة بينها وبين المواطن وتفضيل عنصر الكفاءة، وكل ما أنتظره أن نرى ثمرة هذه الحركة فى القريب العاجل من خلال تصرفات فعلية على أرض الواقع تغير من الصورة الذهنية لرجال الشرطة فى الشارع.
لن أتحدث عن بعض الأسماء التى طالها التغيير وعصفت بها الحركة رغم حسن سيرتها وكفاءتها، ولن أتطرق إلى بعض القيادات التى غادرت مواقعها ليس لعيب فيهم ولا لعدم كفاءتهم وإنما لمجرد أن يفسحوا المكان لآخرين، فما زلت مصرًا على أن الوزير أدرى بوزارته ومساعديه فى تجهيز الحركة أعلم بشئون وزارتهم، وطبيعى أن نغلب فيهم حسن الظن وحرصهم على المصلحة العامة بعيدًا عن أى قوائم انتقامية، لكن فى الوقت نفسه يبقى الشارع ومقار الشرطة من مديريات وأقسام ومصالح وإدارات مختلفة إضافة إلى التعامل اليومى والاحتكاك المباشر مع المواطنين، والذى بدأته القيادات الجديدة منذ يومين، هو الحكم على نجاح الحركة وتعبيرها الفعلى عن الثقافة الجديدة التى يبتغيها الوزير لوزارته.
يقينا لن نكون مترصدين ولن نقف لرجال الشرطة على الواحدة، فلابد فى العمل الميدانى من أخطاء وتجاوزات، لكن الأخطاء بالتأكيد لها حدود أن تعدتها يمكن أن تزيد الغضب من رجال الشرطة وهو ما لا نتمناه لأننا نريد شرطة يحترمها المجتمع ويثق فيها المواطن.
كلنا حريصون على أن تتجاوز الداخلية المرحلة الحالية بنجاح، وأن تستعيد ما كان بينها وبين المواطن من علاقة فى أعقاب ثورة 30 يونيو لتجهض كل مخططات الفتنة التى يدبرها ويديرها كارهون لهذا البلد، وإذا كانت الحركة الأخيرة للداخلية بداية هذا الخيط فسوف يكون الوزير مجدى عبد الغفار قد حقق نجاحًا كبيرًا سيظهر أثره فى الأداء الشرطى، ولكى تنجح التجربة، بغض النظر عن بعض الأخطاء فى الحركة، فلابد من التعامل بكل حسم مع من يخرج عن السياق أو لا يكون عند حسن الظن الذى وضعته فيه القيادة التى اختارته لموقعه ومنحته ثقتها. وفى الوقت نفسه أطمع ألا تهدر الوزارة بعض الخبرات التى خرجت أيًا كان سبب الاستبعاد، وأن تستفيد منهم بالصورة التى تنقل خبراتهم للأجيال الجديدة.