فى الوقت الذى تشتد فيه المعارك بين الجيش العربى السورى وجماعات الإرهاب حول السيطرة على حلب، كان الرئيسان الروسى بوتين والتركى أردوغان يعقدان الاجتماعات، وبالطبع فإن الأزمة السورية كانت على الطاولة بينهما.
من اللافت، أن الرئيس التركى يذهب إلى روسيا كأول بلد بعد فشل الانقلاب العسكرى ضده، وبعد شهور من تصاعد الخلافات بين الطرفين على خلفية إسقاط تركيا لطائرة روسية على الحدود السورية التركية، وبلغت هذه الخلافات حدتها اتخاذ بوتين لإجراءات عقابية ضد أنقرة دخلت فى صميم العلاقات الاقتصادية، كما رفعت القيادة الروسية من حدة لغتها الفضائحية لسياسة أردوغان فى سوريا، وذلك بالكشف عن خرائط لمسارات تهريب البترول من سوريا إلى تركيا عبر داعش، فرد أردوغان مغتاظا بأنه إذا ثبتت صحة ذلك فسيتقدم باستقالته فورا، وقادت هذه الحالة العدائية بين الطرفين إلى تصورات فى العلاقة بينهما وتأثيراتها الإقليمية والدولية، وبقيت سوريا هى كلمة السر، وهاهى تبقى كلمة السر فى زيارة أردوغان لروسيا.
فى لغة الود الظاهرة بين الطرفين أثناء قمة الرئيسين، والتصريحات المتبادلة حول المصالح المشتركة بينهما، من المؤكد أن هناك تفاهمات ما بينهما حول سوريا، وبحسابات ما، فإننا قد نجد أن ذهاب أردوغان إلى بوتين يأتى تسليما بأن روسيا هى صاحبة الكلمة الأقوى فى عموم هذه الأزمة، وبالتالى فإن المرحلة المقبلة ستشهد تعظيما لهذا الدور، وإذا كان من السابق لأوانه القول بتطابق وجهة نظر الطرفين فى الأزمة خاصة فيما يتعلق بالموقف من الرئيس السوى بشار الأسد، فإننا أمام وضع أبوابه مفتوحة أمام أى احتمالات بما فيها تغيير موقف أردوغان نفسه فى هذا المجال، فالسياسة ليست فيها عداءات دائمة وإنما فيها مصالح مشتركة.
وفى هذا المجال ليس من المستبعد أن يحدث تقارب تركى إيرانى روسى، فتوجه «أردوغان الجديد» يتعزز مع الانتقادات الغربية المتزايدة لتصرفاته الداخلية بعد فشل الانقلاب، وقد نجد وجودا قريبا على الأرض لهذا التقارب، ولعل معركة حلب وما يجرى فيها شاهد على ذلك، فتكاتف قوى الإرهاب فيها فى مواجهة الجيش السورى دليل على أن هناك من يشعر بأن شيئا ما يحدث قد يقود إلى وضع نهاية للأزمة السورية ليس للإرهابيين كلمة فيها.