إذا رأيته لا تخاف منه.. إنه ليس عفريتا وإن كانت ملامحه مخيفة.. وليس جثة هامدة وإن كان يشبه "الضريح".. وليس حشرة رغم أن كل ما فيه ينضح بالقذارة.. أنفاسه دائما هاربة من أمعائه ومعها رائحة كريهة لا تعرف هل هى "خمر" أم "ثوم" من شدة العفونة؟.. لسانه ترك فمه وأخذ يسيل على ورق الجرائد بكلمات تنم عن كراهية وبغض للنظام الحاكم.. وقبح سياسى هدفه العودة للأضواء بعد الموت، وكأنه لا يعلم أن الماضى ذهب ولن يعود أبدًا.
هذا الكائن "المنّفر" اسمه محمد على إبراهيم.. الصحفى الذى ترأس تحرير جريدة الجمهورية فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك.. ومنذ توليه رئاسة تحريرها تحول لـ "فرخة" تعاشر "ديوك" نظامه العتيد.. حتى خسر بكارته.. وبكارة كلمته.. أيضا الصحيفة التى كان يعمل بها خسرت بكارتها فى عهده.. فقد تعلمنا فى بلاط صاحبة الجلالة أن الكلمة "ملكة" و"سلطانة" و"أميرة" نتورط نحن ولا تتورط هى.. لكنه حولها لـ"شغالة" فى خدمة مبارك ورجاله ونظامه دون حياء و"مضيفة" تتقاضى "البقشيش" على كل حرف.. بل كان يُجرى بنفسه لقاءات فى العدد الأسبوعى كل خميس بـ "الجمهورية" لأباطرة الرئيس الأسبق ويغدق عليهم صفات النبوغ والجلالة والقداسة والطهر.. ولا أنكر أنى كنت أنتظرها بشغف لأستمتع بمصطلحاته التى كان يكتبها بدمه حبا فيهم.
هُنا لابد أن نشهد لرجال مبارك ببراعة التفكير، وموهبة التقاط الكوادر، فكانوا يعتبرونه وكثيرين مثل "الأردية" التى يلبسونها.. فيهم من كان يمثل لهم "قطع الملابس الداخلية".. أما هو كان مثل "الحذاء" الذى يحمى القدمين من الحفاء.. وكلما شعر أحدهم أنه يسير حافيا أسرع إلى الحذاء "محمد على إبراهيم" ليضعوا فيه أقدامهم ويسيرون به ثم يسمعون قرقعة الحذاء تنطلق من صفحات الجرائد بكلمات الثناء والرياء.
محمد على إبراهيم الذى جعل من نفسه ثائرا ومعارضا رجلا إنقلابيا يحترف الانقلاب على كل شىء، حتى لون عينيه التى لا نستطيع تمييزها من كثرة جحوظها.. يريد أن يعود للأضواء برخص وإفتراء.. ولعل نظام الرئيس الأسبق مبارك كان يفطن لذلك الأمر فأدخله بيت الطاعة مبكرا.. ويبدو أن هذا هو مكانه الصحيح.