إذا كان الهدف من ضجيج «فساد القمح»، وهوجة عدد من النواب داخل البرلمان الإطاحة بوزير التموين خالد حنفى، فإن الوزير قد استقال وأصبح الآن خارج الحكومة، وأراح من أرادوا ذبحه والمطالبة برقبته، لأنه تجرأ ودخل عش دبابير الفساد، رغم النصائح والتحذيرات، ووضع لافتة عريضة أمامه بـ«عدم الاقتراب» من ملف القمح والخبز، واستيراد السلع الغذائية، فالمافيا أمامه، والإقالة من ورائه.
أما إذا كان الهدف هو محاربة ومكافحة الفساد فى سلعة غذائية حيوية واستراتيجية للمصريين، هى القمح، فأمام السادة الذين هاجوا وماجوا لإجبار الوزير على الاستقالة المجال والفضاء الواسع الآن لإثبات أن نواياهم وأهدافهم تصب فى مصلحة الوطن، وليس فى صالح مافيا الفساد، وفى مصلحة المواطنين البسطاء، وليس للإبقاء على منظومة الفساد التى تعرضت لهزة بقرارات خالد حنفى، مهما كانت الانتقادات لمنظومة الخبز أو بطاقات التموين.
أسئلة كثيرة ستبقى حائرة حتى تثبت الأيام والشهور المقبلة صدق النوايا من وراء الإطاحة بالوزير، وأهمها هو مصير تقرير لجنة تقصى الحقائق بشأن القمح، والتى دخلت كطرف مباشر فى المعركة ضد الوزير، وانحرفت عن دورها كلجنة تقصى حقائق.. هل استقالة الوزير تعنى أن الغرض تحقق، وأن التقرير سيتخذ طريقه إلى الأدراج عجبًا، مثل باقى التقارير السابقة، و«نكفى على الخبر ماجور»، و«ويا دار ما دخلك شر»، و«كفى الله المؤمنين القتال»، و«خلاص انتصرنا»، و«زهق الحق وجاء الباطل»، و«يا محلا عيشة الفساد»، أم أن المسؤولين عن التقرير سيرفعونه للمجلس، وإحالته للنيابة، وإلزام الحكومة بتنفيذ التوصيات لتطهير المنظومة من الفساد المتراكم طوال أكثر من 30 عامًا.
هناك شكوك كثيرة حول مصير تقرير تقصى حقائق القمح بعد استقالة وزير التموين، وسقوط المسؤولية السياسية عنه، وأظن أن مسألة التحقيق معه قد تكون غير واردة فى الوقت الراهن، لأن التحقيقات سوف تكشف الكثير من وقائع الفساد، والمتواطئين معها، وستكون فرصة للوزير لكشف المستور ومسؤولية باقى الأطراف.
الخوف بعد عاصفة الإطاحة بالوزير أن تتخلى الحكومة عن منظومة الخبز والسلع الغذائية، التى أنهت تمامًا طوابير العيش المزمنة فى مصر، وتخفيف الأعباء عن ملايين الفقراء فى مصر، رغم حملات التشكيك والهجوم المستمر من المتضررين من المنظومة.