زعلان على وزير التموين، رغم عدم اقتناعى بأسلوبه فى العمل، وكتبت عدة مرات فى هذا المكان، منتقدًا سعيه إلى تلميع نفسه، وإدمانه الشو والأداء التمثيلى، وصداقته لبعض الإعلاميين. وكنت أود أن أصرخ فى وجهه «خللى بالك هؤلاء مقتلك»، وبينما كان يتغنى بالأرز أبو 4 جنيه، وتطبل له بعض الفضائيات الصديقة، كان سعره عند العطارين 8 جنيهات، وفى السلاسل الكبرى 13 جنيهًا، وكان واضحًا أن الوزير المنجز يمضى إلى خط النهاية بسرعة كبيرة، ويقلده الآن وزير آخر يستخدم ورنيشًا أكثر لمعانًا.
لماذا إذن زعلان عليه؟.. لأننى كنت أتمنى خروجًا كريمًا مشرفًا، ولا يكون الوزير وليمة للفضائيات والصحف التى ظلت تنهش لحمه وتقرقش عظمه، دون انتظار لاتهامات محددة تسند إليه، وفقًا لقاعدة «المتهم برىء حتى تظهر إدانته»، وصعد فوق جثته أبطال يعزفون على ربابة الشجاعة الكاذبة، ومذيعون ونواب وصحفيون ومحللون ومواطنون وعابر سبيل، وكل واحد يبرز فضله فى معركة الصوامع التى أسقطت الوزير، والشاطر من يبتكر اتهامات لم يسبقه إليها غيره.
زعلان على الوزير، لأن خطاب استقالته أو إقالته المكتوب بخط يده يوضح أنه أُرغم عليه، فكان مرتبكًا ومهزوزًا، ولا يعرف ماذا يكتب، وأراد أن يحمى نفسه من الخوف والمجهول، بكلمات شكر سريعة للحكومة والرئيس. وتقديرى أن الأرض دارت به، ومر أمام عينيه شريط سريع للأيام الصعبة المقبلة، لا حراسة ولا موكب ولا يرن تليفونه ولا يرد عليه أحد، والرعب من جلسات تحقيق بالعشر ساعات أمام نيابة الأموال العامة، ولسان حاله يقول: «لو أنى أعرف خاتمتى ما كنت بدأت».
لكنه هو الذى أوقع نفسه فى المأزق، وكان من المفترض ألا تغيب عن عينيه بهدلة رموز الدولة بعد 25 يناير، الذين اتهموا فى قضايا فساد، وأن ينفخ فى الزبادى، ويحصن نفسه ضد أية شبهات، وعلى كل وزير ومسؤول أن يعمل حساب مثل هذا اليوم، وأن يعرف أن الداخل مفقود والخارج مولود، وأن المناصب العامة تحتاج رجالًا بمواصفات قياسية، فى النزاهة والأمانة والحفاظ على المال العام، وأن يبنوا بينهم وبين الشبهات جدرانًا سميكة، وألا تخدعنهم صداقة إعلاميين ومديح صحفيين، فهذا من علامات الساعة لأى مسؤول.
لو كان وزير التموين بريئًا، سأكون أول من يرد اعتباره، رغم أننى لم أتهمه بشىء.. ولو كان مذنبًا فتلك أسوأ نهاية لمهنة أصبحت خطرة.