رغم أن آية حجازى مسجونة فى مصر منذ عامين، إلا أن أمريكا لم تنتفض للمتاجرة بقضيتها، إلا منذ يومين فقط، أوباما أصدر بيانا يطالب بالإفراج الفورى عنها، وبعرب عن قلقه العميق تجاه سلامة جميع مواطنى الولايات المتحدة بالخارج، واثنين من أعضاء الكونجرس عقدا مؤتمرا صحفيا، للتنديد بمحنتها والضغط على السلطات المصرية لإطلاق سراحها، تذكروها ليس حبا فيها ولا بكاء عليها، وإنما لممارسة الضغوط التقليدية على مصر، بمناسبة حضور الرئيس السيسى لاجتماعات الجمعية العامة.
أمريكا التى ترفع شعارات كاذبة حول العدالة واستقلال القضاء تدس أنفها فى أعمال تمس سيادة القضاء، وتدعو للإفراج عن متهمة تحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية، جاءت إلى مصر خصيصا بعد 25 يناير، لتجنيد أطفال الشوارع واستخدامهم فى أعمال الحرق والفوضى، واستأجرت شقة فى عابدين بالقرب من ميدان التحرير، وقال الأطفال الذين ضبطوا أنها كانت تعطيهم خمسين جنيها فى اليوم وبعض الوجبات، وتكلفهم بأعمال الشغب والتظاهر والتخريب، لماذا عادت إلى مصر رغم أنها ولدت وتعلمت وعاشت حياتها فى أمريكا، ولم تعرف أن لها جنسية أخرى إلا بعد الجحيم العربى، فجاءت تنفذ ما يطلب منها، وقالت فى التحقيقات أنها كانت تجمع أطفال الشوارع لتقوم برعايتهم، رغم أنه لم يعرف عن أمريكا رقة قلبها ونعومة مشاعرها وإنسانيتها المفرطة، وإلا كان الأولى أن تولى عنايتها لأطفال سويا والعراق الذين يموتون بالقنابل والجوع أو توفر جهود «آية» لخدمة مواطنيها، وتطعم مشردى أن فاق نيويورك الذين يتجاوز عددهم 75 ألفا، معظمهم من العجائز والمقعدين، ولماذا أطفال شوارع مصر بالذات؟
مشكلة أمريكا أنها تتعامل مع مصر بنفس المعايير القديمة المحروقة، فتعلوا بسقف الضغوط إبان زيارات الرؤساء المصريين، للمساومة وطلب تنازلات فى ملفات أخرى بعيدة كل البعد عن أسطوانتها المشروخة التى تعزف نشازها التقليدى حول الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان.
أمريكا لا تعى بدرجة كافية أن مصر تغيرت بعد 30 يونيو، وأن ضغوط الأمس لا تصلح اليوم، وأن مصر انفتحت على الشرق والغرب، وتنوع مصادر تسليحها لكسر احتكار السلاح الأمريكى، وتحرص على علاقات متوازنة، تقوم على الاحترام المتبادل وعدم دس أنفها فى الشأن الداخلى، وأن واشنطون مهما خططت ودبرت، فلن تستطيع أن تنزع عن مصر ثقلها وتميزها ودورها المحورى.