ونحن مع الذكرى الثالثة والأربعين، لانتصارات أكتوبر، أول ما يخطر على بالنا هو الجندى المصرى العظيم، الذى تعرض للخداع والغدر فى حرب 1967، ولم تسنح له الفرصة للقتال والدفاع عن أرضه، ثم تعرض لحملة شرسة من التشكيك فى قدراته، لكنه تجاوز كل ذلك، وبدأ مرحلة المقاومة واسترداد الأرض والكرامة فى حرب الاستنزاف البطولية، وصولا إلى حرب أكتوبر العظيمة التى كانت بحق أهم وأعظم انتصار عربى وأهم عمل عسكرى بعد الحرب العالمية الثانية.
الجندى المصرى، هو من انتفض عقب هزيمة يونيو ليفاجئ قوات الاحتلال ببسالته فى معركة رأس العش، ثم وجه ضربة قاصمة للإسرائيليين بإغراق المدمرة إيلات، واستهداف جنود الاحتلال على الضفة الشرقية للقناة.
الجندى المصرى، هو الذى استوعب أكبر صدمة عسكرية، وصمد فى مواقعه واستوعب الأسلحة الحديثة فى وقت قياسى، ثم تحرك لتنفيذ خطة العبور على كل المحاور، حتى استطاع كسر أنف العدو الذى روج عن نفسه أنه لا يقهر، وتجاوز أكبر مانع مائى ملغم بالنابالم، وحطم خط بارليف الحصين الذى أعلن العدو أنه لا يمكن تدميره ولو بالقنابل النووية، لكن عبقرية الجنود المصريين وسلاح المهندسين ابتكرت وسيلة سهلة لفتح الثغرات باستخدام طلمبات المياه، ونجحت فى رفع العلم المصرى على النقاط الحصينة. الجندى المصرى، هو من استطاع إقامة أكبر حائط للصواريخ على طول سيناء، مما أعجز الطيران الإسرائيلى عن الوصول إلى العمق المصرى بعد أن كان يصول ويجول فوق سمائنا يقتل الأطفال فى بحر البقر والمدنيين فى أبو زعبل، ودفع جنودنا الكثير من دمائهم حتى يستكملوا حائط البطولات، وتحويل المنصات الثابتة لصواريخ سام إلى منصات متحركة لخداع العدو.
والجندى المصرى أيضا، هو صاحب معجزة مواجهة طائرات الميج الروسية القديمة، لأحدث الطائرات الأمريكية آنذاك الفانتوم، والطائرات الفرنسية الميراج، واستطاع التفوق بفضل براعته وفدائيته فى أعنف معركة جوية منذ الحرب العالمية الثانية، استمرت 53 دقيقة، وكانت الغلبة فيها للطيارين المصريين.
وقبل كل ذلك، الجندى المصرى استطاع خداع إسرائيل وإخفاء الشيفرة المستخدمة فى الرسائل بين القادة وقادة الأفرع والوحدات الرئيسية، باستخدام اللغة النوبية القديمة، لغة التحدث التى لا تكتب، فعجزت كل إمكانات الاحتلال عن رصد كلمتى «أوشريا» وتعنى اضرب، و«ساع آوى» بمعنى الساعة الثانية، لحظة انطلاق كتائب النصر نحو أهدافه.
تعظيم سلام للجندى المصرى فى ذكرى النصر وتحيا مصر