المنطق يقول إنه عندما نحتفل بذكرى ومناسبة تاريخية، فمن المفترض أن نحتفل بها فى مكان تاريخى يرتبط بالمناسبة أو فى ذات المكان التى انطلقت منه وتأسست بين جدرانه وتحت سقفه وقبته.
فهل كان من اللائق أن نحتفل بمرور 150 عاما على إنشاء البرلمان المصرى وبداية الحياة النيابية فى مصر بمدينة شرم الشيخ الساحلية؟ أم تحت قبة البرلمان وفى نفس المكان التاريخى الذى بناه الخديو إسماعيل عام 1878 وشهد تاريخ الممارسة النيابية طوال أكثر من 135عاما وفى المكان ذاته؟
وهل لو احتفلت بريطانيا أو فرنسا بتجربتها النيابية، ستدعو الضيوف والحضور إلى مدينة ساحلية فى مارسيليا أو بحر الشمال «لدعم السياحة» كما يبرر ويدافع البعض عن سبب إقامة الاحتفالية فى شرم الشيخ؟
لماذا لم تقم الاحتفالية تحت قبة البرلمان وتحديدا فى المبنى الأول من خلال احتفالية تستدعى التاريخ البرلمانى المصرى بعظمته وأبهته وتعكس حضارة وعراقة المبنى الذى مازال شاهدا على التجربة العريقة بطرازه المعمارى المميز، وتم تجديده فى السنوات الماضية بملايين الجنيهات أو حوالى 5 ملايين جنيه، كما قال لى أحد النواب وهو المبنى الذى شيد فى عهد الخديوى إسماعيل، وكان يشغله ديوان نظارة الأشغال العمومية وارتبطت به الحياة النيابية المصرية منذ أن عقد مجلس النواب المصرى أول اجتماع له فى السادس والعشرين من ديسمبر 1881 ثم تلاه اجتماعات مجلس شورى القوانين والجمعية التشريعية ثم مجلس الشيوخ فى ظل دستور 1923 وأجريت تعديلات كبيرة بالطابق الأرضى لإعداد قاعة نظارة الأشغال لاجتماعات مجلس شورى النواب، وهى القاعة التى لا تزال قائمة وتعقد بها اجتماعات وجلسات مجلس الشورى حالياً، فى حين شغلت وزارة الأشغال والموارد المائية الطابقين الأول والثانى من هذا المبنى، إلى أن تسلمتهما الأمانة العامة لمجلس الشعب وضمتهما إلى مبانيها فى عام 91 حتى يمكن للمجلس أن يتوسع فى مقره لمواجهة التطور الكبير الذى طرأ على الحياة النيابية التشريعية.
هل من المعقول أن نترك قاعات ومبانى تاريخية تنبض بحياة برلمانية من حوالى 150 عاما، ويتردد داخلها صدى حوالى 32 هيئة برلمانية بأعضائها، وهم أسهموا فى تشكيل تاريخ مصر ووجهها الحضارى الحديث فى مختلف جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
من صاحب الاقتراح بعقد الاحتفالية فى شرم الشيخ، فبعيدا عن الاختيار غير المناسب للمكان، كان من المفترض على الأقل مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر وحملات تخفيض الأسعار إلا إذا كان البرلمان ونوابه من هواة «البلبطة فى المية».