خمسون ألف رسالة للبريد الإلكترونى الخاص لهيلارى كلينتون والمرتبط بوزارة الخارجية الأمريكية وسياسات أمريكا السرية كشف عنها قبل يومين عن طريق ويكليكس، بينهم ألفان وخمسون رسالة من وإلى رئيس حملتها الحالية جون بودستا، وكان يعمل رئيس هيئة الأركان مع زوجها بيل كلينتون الرئيس الأمريكى السابق وهو الزميل على المدى الطويل، منهم رسائل تتعلق بتقارير أرسلها تونى شقيق بودستا ورئيس "CAP" مركز التقدم الأمريكى للأبحاث واتخاذ القرار ومقره واشنطن.
رسائل البريد الإلكترونى الخاص بمرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون وكانت فى الفترة ما بين عام ١٩٨٨ إلى عام ٢٠٠١ والمنشورة الآن بالتفاصيل المملة، ومنها التافه جدا والخطير جدا ويخص الشرق الأوسط، وجاء فيه مراسلات لمعلومات وقرارات عن طريق وسطاء تدير عملهم مستشارة هيلارى " هوما عابدين " ويعطون تقارير حقيقية عن مصر وليبيا وسوريا والسعودية والعراق وأفغانستان وغيرها، وأرفقوا صورة من هذه المراسلات التى احتوت على تقارير ابتداء من عام ٢٠٠٨ للمستشارة هيلارى "هوما عابدين " التى كانت تعيش فى جدة هى وعائلتها منذ سنوات وهى لأب هندى والأم باكستانية وتتقن العربية ومعروفة بميولها وتواصلها مع الإخوان المسلمين ، ووالدها الدكتور سيد زين العابدين مؤسس مركز شئون الأقليات المسلمة ببريطانيا، وتديره زوجته صالحة بعد وفاته وأنجبت ثلاثة أبناء آخرين أخوة هوما .. الابن الأول حسان هو أحد أعضاء مجلس الأمناء بمركز إكسفورد للدراسات الإسلامية ببريطانيا، والابنة هبة عابدين ومقيمة بنيويورك وهى رئيسة هيئة التحرير لمجلة شئون الأقليات المسلمة، وكشف عن أسماء هؤلاء الوسطاء وعناوين بريدهم الإلكترونى ويعملون بمواقع مختلفة والمشار إليهم فى بداية المقال، وكانوا ضمن فريق المراسلات وسرد فيها أحداث نشهدها الآن وقبل حدوثها بسنوات تحدثوا عن بعضها فى الرسائل أو أثناء استدعائهم لمقابلات شخصية وحضورهم إلى أمريكا واجتماعات بأوامر من هيلارى وبتنسيق مع مستشارتها عابدين ، حيث تمت أكبر سلسلة صفقات هيلارى التجارية وعلاقات مع شركات تأمين بريطانية كُبرى لها مصالح داخل الولايات المتحدة وكذلك رسائل لأشخاص فى أوروبا وبالتحديد اليونان يعملون لجمع تبرعات لهيلارى وزوجها بأكثر من ٣٣ ألف دولار لتسير مصالح معينة داخل الولايات المتحدة أو فى بلادهم مستندة لنفوذ هيلارى ، منها أيضا رسائل اعتراف بفشل السياسات الأمريكية فى الشرق الأوسط وتحريض لمضايقات أو استخدام مسئولين فى بلاد عربية ، وتقارير عن مواطن ضعف فى صفقة اليورانيوم مع إيران ، وأجندة عن حلم سوق مشتركة فى نصف الكرة الغربى وجعل السوق الحرة والحدود مفتوحة مع الولايات المتحدة ومراسلات مع سفراء لإسرائيل وأخرى تخص صفقة شاليط لتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل عام ٢٠١١ ، وخطاب من نتنياهو يطلب معلومات عن أشخاص فى الضفة ويسلمها لعباس لكنه يرفض القبض عليهم، وأوراق سرية لسياسة الدفاع الأمريكى وتوضيح علاقات تركيا بداعش وتقارير عن الحالة الصحية لملك السعودية الملك عبد الله رحمه الله ، ومحادثات فى قضية التعامل مع بن لادن، ومشاورات حول قضيا تخص الجامعة العربية ومحادثات مع أكبر بنوك البرازيل وأخرى عن تفاصيل محاضرات ألقتها هيلارى لبنوك وشركات المال وتقاضت نظيرها ٢٢ مليون دولار ورفضت أن تعطى معلومات عنها للصحافة .. وخطاب سرى لليهود حول أيدلوجية السعودية وصف فى هذه الرسائل بالأكثر تطرفًا ! وخطاب سرى لفريق هيلارى تطلب منهم تفاصيل محددة عن أحاديثهم للإعلام وخطة عمل ، كما ذكرت خلال لقاء خاص عام ٢٠١٣ أنها وطاقمها يتركون أجهزة الحاسوب والهاتف فى الطائرة عندما يزورون الصين وروسيا ويضعون البطاريات فى علب خاصة بالطائرة خوفا من سرقة المعلومات فى هذه البلدان ورسائل من عاملين بالسفارة الأمريكية فى القاهرة تضمنت تقارير نشرتها الجزيرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وهى كاذبة وأدت الى إغلاق مكاتب الجزيرة فى مصر، كما ظهرت مجموعة جديدة من الرسائل لصحفيين امريكيين لهم صلة بما يحدث فى مصر وكانوا داخلها والتى رفع عنها السرية لتتضمن بعض التفاصيل حول دور الولايات المتحدة خلال ثورة ٢٠١١ وما بعدها وتحمل جميع هذه الرسائل والملخصات أكواد وأرقام لملفات وقضايا وأحيانا أسماء معينة ليس لها تعريف إلا لديهم ومن خلال اجتماعاتهم .
ويكليكس لم تذكر كيف تم الحصول على الإيميلات الموثقة وقد قرأت بعضها واعترفت هيلارى بها فى السابق وأزالها محاموها قبل فضح تفاصيلها بالصور الحقيقية لها وخاصة أنها تخص أشخاص وأحداثا شهدناها وكانت تدار خلف الأبواب المغلقة من هذا الفريق بطريقة مختلفة عن ما ظننا وما كانت تدعيه هيلارى فى أحاديثها .. لكن الإجابة هى روسيا والتى تزعمت قرصنة البريد الإلكترونى لهيلارى وكشف فضائحها فى مقابل تلميحات سابقة من ترامب بأنه وروسيا سيتفقان كثيرا فى حال فوزه بالرئاسة .
ذكرت ذلك فى أكثر من مقال قبل نشر هذه الرسائل وسلطت الضوء على ثورة أسرار لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية وعلاقاتها مع دول العالم والأمن القومى الأمريكى يتم الكشف عنها ، وكان من المفترض حمايتها وخلال فترة تولى هيلارى منصب وزيرة الخارجية الأمريكية لكن حدث العكس واستخدمت حسابا آخر غير مشفر ببريد إلكترونى خاص مختلف عن الحساب الإلكترونى الخاص بالمسئولين الحكوميين فى أمريكا وأدى ذلك إلى تعرض التسجيلات الفيدرالية فى أمريكا للخطر ومخاطر أمنية أخرى جراء هذا التصرف وقد انعكس الآن على سير حملتها الانتخابية .
المعركة الصعبة الآن تزداد ضبابية بين هيلارى والمجتمع الأمريكى من ناحية والدولى من ناحية أخرى ، فهى صنعت سياسة من رصاص فى الخارج وبيت من ورق فى الداخل لتاريخ مُقزز للسياسة التقليدية والثرثرة بغية التحكم بزمام الأمور والصعود إلى مواقع السلطة والكشف من خلالهما على ماهية الدولة العظمى ومتطلباتها على الساحة الدولية والتى لم تستطع تحقيقها كلينتون ولم يعد عليها بالفائدة المرجوة رغم ثرثرتها واختراقها للقانون وفرض نفوذها وتغاضى المباحث الفيدرالية عن توجيه الاتهام لها فى رسائل الأمن القومى وهو أمر أدى إلى تصاعد نفوذ روسيا فى ظل تراخى الزعامة الأمريكية ودور الدولة العظمى واضطراباتها مع دول الشرق الأوسط التى نُعانى منها حتى الآن ويعانى منها أمريكيون خارج أمريكا ويعيشون أو يعملون فى الشرق الأوسط ، وهو ما قد يجعل الأمريكيين من الطبقة المتعلمة يصوتون لصالح ترامب لأنهم لا يقتنعون بأن الديمقراطيين يمكن لهم إصلاح مشاكلهم ، علاوة على أنهم لا يطيقون سياسة هيلارى المُستمرة فى تقديم أسباب تُشكك فى مصداقيتها قبل عودتها وزوجها إلى البيت الأبيض .