حين ننظر إلى معدل الربح والخسارة لمن أعاد تموضعه السياسى على المستوى السياسى الإقليمى والدولى نجد وحدها إيران هى التى تحدد معايير الربح والخسارة لمن راهن على تحجيمها.. فقبل أسابيع قليلة من الانتخابات الأمريكية مازالت مستمرة بوتيرة أسرع المرحلة الحديثة بالتقسيم والترسيم وبالتصعيد والتأزيم اليومى فى الصراعات على الأرض العربية. فنجد التطور للميلشيات الإرهابية فى ليبيا، أمام محاولات حفتر والجيش الليبى فرض الأمن من جهة وحكومة تحاول إثبات الثقة من جهة أخرى، ومساعٍ لبنانية لإعادة انتخاب رئيس جمهورية بعد غياب سنتين ونصف، ولكن حزب الله يضعف ويعطل ويعرقل استعادة السلطة بشروط وضمانات له فى الحكومة والسلاح خارج سيطرة الدولة وتقليص فى التوجه العربى للقرار اللبنانى، فالمؤسسات يجب أن تخترق بالرضا الفارسى وتحويله لما يواكب التوجهات والمصالح الإيرانية.
وفى نفس الوقت الذى تسعى فيه الطموحات الإيرانية الملاحظ زيادة تدخلها وتشعبها وأصبحت ممتدة للسيطرة على العراق، وهى فى الخريطة شمال السعودية، وكذلك التصعيد المستمر بسلاح ومليشيات من حزب الله والحرس الثورى الإيرانى على حساب الدور الوطنى والعربى فى سوريا، وهو عمق لمصر والسعودية، ونجد التدخل الشيعى للسيطرة على المشهد يصعد كل فترة على السطح، ومحاولات إشعال صراع الفتنة المذهبية فى البحرين والمنطقة الشرقية الصناعية فى السعودية. فليس صعبًا لمن يتابع الشأن العربى والإقليمى لإدراك محاولات تمدد المشروع الإيرانى الذى يطوق الآن الخليج بداية من السعودية من ثلاث جهات، العراق، سوريا، واليمن.
وهناك أيضا أيادى الحوثيين وتصعيدهم إلى الحكم بالقوة، حتى أصبح قاعدة عسكرية واضحة بسلاح وصواريخ وتدريب عسكرى وتخطيط للإيرانيين، وأصبحت أمامنا جماعة الحوثيين، مثل «حزب الله» اللبنانى، ميليشيات والحشد الشعبى العراقى كلها سلاح خارج الدولة مذهبى شيعى فقط قدرة وقوة، خاصة للنظام المتمركز فى طهران ومتشعب بأشكال مسلحة وسياسية غير سلمية فى للوطن العربى.
وحتى كتابة هذا التحليل الجيوسياسى ربما يعاتب البعض من المراقبين التحليل بالسؤال هل أنه كان من الخطأ الدفع بالقرار السعودى نحو خوض الحرب على اليمن؟!.. الإجابة: أنه للأسف لا مجال للتردد بعد كشف أن هؤلاء الانقلابيين الحوثيين وحلفاءهم قاموا بالتخطيط والتدريب بالاستعدادات الإقليمية بقدرات عسكرية قادرة على تهديد عمق السعودية، وبمثل ذلك بترسانة صواريخ سكود وتنوع الهجمات فخطر الحوثيين لا يقتصر تهديده على مدن الحدود الجنوبية السعودية، ثبت أنه مجرد خطوة مبدئية يصل خطر مداها الآن إلى مدن رئيسية بعيدة مثل مكة والطائف فمنظومة «سكود دى» الروسية، مداها أكثر من 800 كيلومتر.
نحن نقف أمام باب المندب المهدد بالصراع البحرى لتعطيل الملاحة، كما هناك التهديد الإيرانى على الحدود البحر المتوسط باستغلال حدود جنوب لبنان وسوريا المسيطر عليها من حزب الله والحرس الثورى الإيرانى، كل ذلك يوضح لماذا مصر تقرر الانفراد بدور محاربة الإٍرهاب والمشاركة فى عملية الاستقرار فى ليبيا والتهدئة لضمان وحدة الأراضى والهوية فى سوريا، وإبعاد تحرير الموصل فى العراق.. إلخ، وكل ذلك يطالب بالصمود لمرحلة الحماية الأساسية اليوم للقرار لإعادة تأهيل شعب لمخاطر دولية وإقليمية لا تسمح بالتعطيل أو العرقلة، فمصر مازالت دولة لا تركع أمام رياح التغيير مهما تألمت أو تأزمت فهناك قيادة وجيش يحمى هذه شعب وأعمدة الدولة.. الأيام المقبلة تحمل الكثير، فاصمتوا وراقبوا مساحة التغير والتبديل، أما مصر فتبقى تدفع الثمن لدورها وعدم تحجيمها ولاستقلالها، وذلك بدماء شهداء جيشها وشرطتها إلى يوم الدين.