يمكن أن يرد أى حزب أو قيادة حزبية بسهولة عن السؤال أين الأحزاب من السياسة؟ بالقول إنه محاصر وغير قادر على العمل السياسى فى ظل فراغ سياسى، وهى صيغة ظلت تفرض نفسها منذ ما قبل 25 يناير، ولا يمكن لأى حزب أو تيار سياسى أن يعترف أنه سبب فى هذا الفراغ السياسى.
وقد ظلت الأحزاب تعانى من العزلة والضعف قبل يناير، وبعدها انفتحت الأبواب وأشهرت عشرات الأحزاب نفسها، وتجاوز عددها الـ100 حزب، لايتجاوز عدد أعضاء بعضها مائة عضو ولا يتجاوز عدد أعضاء أكثر الأحزاب خمسة آلاف فعليا، أما الأرقام الورقية فقد تتجاوز ذلك، وقد ظلت الأحزاب التقليدية قبل 25 يناير تتركز فى التجمع والوفد والناصرى مع الحزب الوطنى الذى تم حله بعد 25 يناير، وللمفارقة أنه مايزال الحزب الأكثر إثارة للجدل، حيث تستعين الأحزاب بكوادره فى الترشيح والسياسة. ويبدو تأثير الحزب بعد حله أكثر مما كان مقدرا له أثناء وجوده فى السياسة.
بعد 25 يناير كانت هناك كثافة فى الأحزاب التى تنوعت بين يمين ويسار، لم يلمع سوى المصريين الأحرار، والمصرى الاجتماعى، مصر القوية والوسط مع أحزاب دينية مثل النور السلفى، أو الفضيلة، والإخوان الذى لم ينفصل عن الجماعة.
بالطبع فإن أعداد الناشطين السياسيين فى الأحزاب قليل فى العالم كله، لكن الأمر لدينا يبدو غير مسبوق، حيث إن أكثر من مائة حزب ليس لأى منها صوت ولا نشاط ثقافى أو ندوات أو مؤتمرات، ولا تشارك ولو على سبيل النقاش فيما يجرى أو تفتح مقاراتها لحوار من أى نوع، وخارج العاصمة هذه الأحزاب مجهولة تماما. فقط يظهر بعض أعضائها فى برامج أو مداخلات فضائية أو على مواقع التواصل، بل حتى هذه المواقع ليس للأحزاب أى وجود أو صفحات على فيس بوك مثلا لزوم الترويج.
ويبدو السؤال هل تحتاج هذه الأحزاب إلى قرار لتعمل؟ وفى حال رغبة أى طرف فى إجراء حوار سياسى كيف يمكن تمييز من من هذه الأحزاب يمكن الحوار معه، وهى أحزاب يفترض أنها تختلف فى توجهاتها السياسية والاقتصادية، ويفترض أن تعلن آراءها بعيدا عن مقالات أو تدوينات على مواقع التواصل. ومع كل هذه المآخذ، هناك حاجة للبحث عن طريقة لخلق مناخ سياسى، يسمح بنقل الجدل السطحى إلى نقاش عام ومشاركة بعيدا عن الفراغ السياسى القائم.