أتعجب كثيرا لحالة الهوس التى انتابت البعض خلال الأيام الأخيرة ـ دون وعى ـ، وكأنهم جميعا يريدون الدفع بالأمور إلى (حرق مصر) وإسقاطها، وإدخالها فى نفق لا يعلم متى الخروج منه إلا الله، غير مبالين بما يحيط بنا من مؤامرات وحروب متعمدة من أجل ذات الهدف.
فقد ادهشنى الحملة العشوائية المسعورة، التى استهدفت مصر والنظام من الخارج ـ عن عمد ـ من قوى خارجية تسعى بكل ما أتاها الله من قوة ومال ونفوذ إلى فرض حصار اقتصادى، وإثارة قلائل، من أجل الإطاحة بالنظام، وإسقاط الدولة، لا بهدف الإصلاح والاستبدال بالأفضل، ولكن بهدف (أسقط وحرق مصر) وتحويلها إلى ذات النموذج السورى والليبى.
وللأسف أن تلك الحملة، جاءت على هوى قوى وناشطين مصريين فى الداخل، يعارضون للأسف من أجل المعارضة، ومازالوا يتبنون للأسف (الفكر الثورى) ليس بحثا عن مصلحة البلاد، ولكن بحثا عن مجد وهمى على شاشات عدد من القنوات العميلة، وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى، دون وعى بما قد يعود على البلاد من كوارث فى مثل هذا المرحلة.
أعلم تماما أن هناك من سيتهموننى بمحاباة النظام، إلا إننى أؤكد أن زيارتى الأخيرة للعراق، وما رأيته وما سمعته من كوارث حلت بهذا البلد من جراء التدخلات الخارجية، والمؤامرات الداخلية، جعلتنى على يقين بـ(فكرة المؤامرة)، التى يرفضها ويسخر منها البعض، وينظر إليها على أنها صنيعة النظام.
فلا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك أخطاء، وأن هناك فشلا ذريعا، فى معالجة كثير من الملفات خاصة الاقتصادية، إلا أن هذا لا يعنى أن نقوم بأيدينا بالسعى إلى (حرق مصر)، خاصة أننا منذ يناير 2011 لم نحصد إلا الدم، والموت، والحرق، والتدمير، والغلاء، والفقر، والمرض، فى ظل وجود قوى تسعى للدفع بالأمور إلى ما هو أسوء.
وحتى نعى مدى ما وصلت إليه الأمور فى الدول، التى دمرتها المؤامرات الداخلية والخارجية، فلك أن تتصور أن بلد دجلة والفرات أصبحت اليوم تعيش على المياه المعبأة، ولا يستطيع مواطن تجرع نقطة ماء من صنبور منزله.
ولك أن تتخيل، أن أغنى بلاد العالم بالنفط، تحولت إلى بلد يستورد كل احتياجاته من البترول من الخارج، وتحولت الدولة التى ظلت تعيش على ما يخرج من خيراتها من لحوم وخضروات وفاكهة حتى طوال سنوات الحصار، إلى بلد يستورد وتستورد كل احتياجاتها حتى من البسكوت والزبادى من الخارج، بعد أن حولت المؤامرات أراضى العراق الخصبة إلى بور لا حياة فيها سوى للحشائش والثعابين.
هذه هى الصورة للأسف التى عليها العراق الآن بفعل المؤامرات والعملاء، فإن كنتم تريدون لمصر والمصريين مثل هذا الحال فاستمروا فى دعم المجهول، وانتظروا لأنفسكم ولأبنائكم ذات المصير.
ولكن فى النهاية، تذكروا جيدا أن كل شىء من الممكن أن نشتريه بالمال إلا الوطن، ولكم فى آلاف السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين فى كل مدن مصر الآن لعبرة.
وتذكروا أن النظام الذى لا ترضون عنه، يتم عقابه الآن من قوى تمتلك مالا ونفوذا على نجاحه فى إيقاف مخطط الشرق الأوسط الكبير، وإنقاذ مصر من ذات المصير المظلم الذى حل بسوريا وليبيا والعراق، والذى أنفقت أمريكا ودول عربية وغربية عليه مئات المليارات، حتى يتم تغيير شكل المنطقة وتحويلها إلى نموذج فوضوى تسيطر عليه جماعات مثل القاعدة والنصرة وداعش، لا علاقة لها سوى بالقتل والدم والعودة بالمنطقة إلى حياة الغاب.
أفيقوا و(لا تحرقوا مصر) أثابكم الله.