المكاشفة والمصارحة أهم ثمار المؤتمر الوطنى الأول للشباب، أول مرة فى تاريخ مصر يتحاور رئيس الجمهوية مع هذا العدد الكبير من الشباب، تحدثوا بصراحة بالغة لدرجة أن أحدهم عبر عن خشيته أن يتأثر سلبيا من جرأته، وهو يتحدث عن مشاكل الصيادلة ومطالبهم برفع بدل العدوى إلى ألف جنيه، ورد عليه الرئيس بروح الود والمصارحة، شارحا الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، مؤكدا أن المطالب الفئوية التى تعجز الدولة عن تلبيتها، ترجع لعدم قدرتها على ذلك، لأن «مصر فى موقف صعب قوى».
كان مهما أن يعرف الشباب حجم المشاكل والتحديات التى تواجهها البلاد، وأنها تحتاج بعض الوقت والصبر لاجتيازها، لأنه لا سبيل لبناء دولة قوية، تستطيع تلبية الآمال العريضة إلا بالتكاتف والاصطفاف، ولمس الرئيس أوتار القلوب عندما طالب المصريين بالوقوف بجواره، قائلا: «جاء الدور عليكم، فعندما طلبتونى وجدتونى، ولم أبخل عليكم بحياتى، وإذا أردتم أن نكون أمة ذات شأن فلابد أن نتحمل شوية، حتى نسقط محاولات إسقاط مصر وتركيعها».
ردود الرئيس وتعقيباته جاءت مباشرة وصادقة، خصوصا فى موضوع الحريات وقانون التظاهر، طالبا ممن يريد أن يقيس حجم حرية التعبير، أن يراجع ما نشرته الصحف فى الشهور الستة الأخيرة، فلا أحد يحاسب أحدا، رغم ما تتعرض له البلاد من مؤامرات الداخل والخارج، وحروب الجيل الرابع والخامس، ليس تبريرا لإجراءت استثنائية، حتى قانون التظاهر الذى شُرع فى وقت كانت فيه الدولة على المحك، استهدف عمل توازن بين الحقوق والحريات من ناحية، والحفاظ على الدولة المصرية.
كان مهما أن يستمع الرئيس لكل الآراء، حتى لو كانت معارضة وصادمة، وأن يرسخ قاعدة احتضان الدولة لكل شبابها بمختلف ميولهم وألوانهم السياسية، وأن يمدهم بذخيرة مهمة من الحقائق والمعلومات الغائبة عنهم، وأن يجدد ثقته الدائمة فيهم، شارحا محاولات تزييف الوعى، مؤكدا أن من يرى هذا الشباب الجميل لن يخاف أبدا على مصر، حتى لو كانت المعارضة أكثر من المطلوب، المهم ألا تسهم فى هدم البلد، ولا يكون لها تأثير سلبى على الأمن القومى.
طلب الرئيس من الشباب أن يكونوا جسرا بين الدولة والناس، وفتح قلبه وعقله فى حوارات غير مسبوقة مع أى رئيس مصرى، مرددا عبارة: «كل ما تعرفوا أكتر هتخافوا على بلدكم أكتر»، وهذه هى الميزة الأهم للمؤتمر.