"عشر سنين وأنا تلاجتى مفيهاش غير مياه بس"، هذا ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسى فى لقائه أول أمس خلال مؤتمر الشباب بشرم الشيخ، وهذا الكلام اعتبره البعض رسالة للفقراء فى مصر حتى يصبروا على الدولة فى هذه المرحلة الصعبة، وحقيقة الأمر أن هذه الرسالة موجهة لجموع المواطنين حكومة وشعبا، وليست دعوة للتقشف بقدر ما هى دعوة لإعادة النظر فى نفقات الجميع.
بداية نتحدث عن "تلاجة" الحكومة، فكثير من الوزراء فى مصر لديهم سيارات فارهة ومكاتب ضخمة وحين يسافرون لحضور أى مؤتمرات فى الخارج يقيمون فى فنادق باهظة الثمن، وكم تتكلف تنقلات الوزير وإقامته من أموال ميزانية وزارته... لو نظر الوزراء إلى رسالة الرئيس من داخل ثلاجته ستختلف نفقات الوزارات فى مصر بالكامل وتستطيع الدولة أن توفر كثيرًا من هذه الأموال.
"تلاجة" البرلمان، الملايين التى يدفعها البرلمان لجراج التحرير من موازنته حتى يستطيع النواب أن يتركوا سياراتهم قبيل أى جلسة، والمؤتمرات التى يقيمها البرلمان للاحتفال بمناسباته المختلفة وتتكلف الملايين، كل ذلك يجب أن يخضع لسياسة "التلاجة" وبدلاً من كل هذه النفقات يتم توفير هذه الميزانية كنوع من إجراءات الحفاظ على المال العام فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد حاليًا.
قد لا يعلم الكثيرون، أن بعض المحافظين يقيمون فى قصور وفيلات تابعة لكل محافظة طوال فترة تولى أى محافظ لمسئوليته، وبخلاف تكلفة القصور نفسها هناك تكلفة أخرى تطال خدم القصر وغيرها، وكل هذه المظاهر يجب أن تطالها "تلاجة" الرئيس أيضًا.
كثير من السلع التى تستوردها محلات وكبرى المراكز التجارية فى مصر، "ترفيهية" وبالأساس تخدم طبقات بعينها فقط ولكنها تتسبب فى مشكلة كبرى تتعلق بالاقتصاد المصرى إذ تؤدى لزيادة الواردات المصرية التى ندفع مقابلها بالعملة الصعبة، وكل هذه السلع يجب أن تطالها "تلاجة" الرئيس.
القمامة المنتشرة فى شوارع الجمهورية يجب أن تطالها أيضًا "تلاجة" الرئيس، إذ إن بعض الدول تعتبرها ثروة قومية من خلال إعادة تدويرها مرة أخرى بل إن هناك بعض الدول التى تتعاقد سنويًا لاستيراد قمامة دول أخرى من أجل تصنيعها مرة أخرى والاستفادة منها.
القصور والفيلات التى يقطنها الأغنياء فى مصر، لا تدفع أى ضرائب مطلقًا وهذه المبانى تتكلف الملايين أليس من حق الدولة أن تحصل على بضع جنيهات شهريا كضرائب على مثل هذه المبانى، فيجب أن تطالها أيضًا "تلاجة" الرئيس.
الرئيس عبد الفتاح السيسى حينما تحدث عن ثلاجته الشخصية لم يكن يقصد أن يتحمل الفقراء فقط بل كان يقصد أن يتحمل المصريون جميعًا تكلفة الإصلاح الاقتصادى لذلك يجب أن يكون للحكومة "تلاجة" مثل "تلاجة الرئيس" وكذلك البرلمان والمحافظين وكل أجهزة الدولة.