السياسى الذى يكذب على الملأ لا يختلف عن شاهد الزور أمام المحكمة، كلاهما يرتكب فعل التضليل والخداع ، وآخرهم البرادعى الذى أصدر بيانا ملتويا، لا أعرف من كتبه له وما سبب توقيته الآن ، إلا أنه ينتظر 11/11 ، متخيلا أن الثورة قادمة ، وأن الجماهير ستذهب لاستقباله فى المطار ، تحمله فوق الأعناق وتهتف باسمه ، وهذا الاحتمال وارد لشخص مثله ، يعيش عالما افتراضيا ويبنى أحلامه على أزمات السكر والغلاء ، دون أن يدرك أن أنصاره قد انفضوا من حوله ، وأن الرأى العام لا يحمل له ولأنصاره إلا الكراهية والاستهجان .
قراءة بيانه الذى لا يستحق القراءة ، ملخصه الاعتذار لجماعة الإخوان الإرهابية ، ومحاولة تبرئة ذمته من الأحداث التى وقعت إبان 30 يونيو ، وأنه كان الحكيم المفوه والناصح الأمين ، مع أنه لم يكن يوما كذلك ، ولم يمتلك مقومات الزعامة ، وبعد مجيئه المشئوم لمصر قبل 25 يناير ، اكتشف أنصاره قبل معارضيه ، تردده وضعف شخصيته وانقياده وراء الآخرين ، وأن زعامته من ورق وخطابه السياسى فارغ وتافه، علاوة على التلعثم ورداءة مخرجات الألفاظ ، أى أن زعامته من ورق ومواقفه مجرد أكاذيب .
سقط القناع وظهر الوجه الحقيقى ، برحيله عن البلاد فى ظروف كانت تقتضى التلاحم والتصدى ، وصور له عالمه الافتراضى أنها هجرة مؤقتة ، سيعود بعدها إلى مطار القاهرة محمولا فوق الأعناق ، بعد أن يشعر المصريون بأن البلاد لن تهدأ ولن تستقر بدون البرادعى ، وظلت تدويناته المتقطعة طوال الفترة الماضية ، تخاطب أنصارا افتراضيين ، يتوهم أنهم سيكونوا قوة الحشد ، التى تعيده إلى السلطة ، ويا خيبة من يحلم بالزعامة دون أن يمتلك مقوماتها ، فيزداد ارتباكه وسوء تقديره واندفاعه، وتترسخ فى أعماقه عقد اليأس والإحباط، فيقدم على مغامرات طائشة ، تدفعه بسرعة إلى مرحلة الانتحار السياسى .
بيان البرادعى الأخير انتحار سياسى ، لأن الأوطان فى أوقات الأزمات ، تحتاج من يدعمها لا من يقوضها ، ومن يدافع عنها لا من يهدمها ، ومن ينكر ذاته لا من يشهر أطماعه ، والبرادعى الذى لم تكن له أياد بيضاء على بلده ، فى أى وقت وفى أى مرحلة ، يريد أن يقطف ثمارا لم يزرعها ، هكذا هى شخصيته المرتبكة ، ووسائله الغارقة فى الانتهازية السياسية .. لم يكن سندا و لا عونا ، عاد لمصر عودة مشبوهة، ورحل عنها وقت الشدة ، ويحاول إعادة إحياء أحصنته الخشبية .