ونحن نعيش الآن فى آخر شهر من هذا العام الثقيل والمتراكم من مشاكل داخلية وعربية ودولية تشهدها مصر بين تعدد الأزمات الاقتصادية وسياسية داخليا، فتجدها مرة فى سعر الدولار المتأرجح بين أرقام ترفع الأسعار، ويرتفع بالتالى معها ضغط الدم، وضربات القلب، وضيق تنفس، وأزمات أخرى تخلق بسبب التصريحات والهرتلة من بعض النواب وهم العجائب التى تثبت كل يوم مدى الكارثة التى تكشف من سوء نوعية الاختيار؟! بالإضافة إلى التعقيدات والتخبط من رجال فى الحكومة التى ضاقت بها النفوس أحيانا، بسبب أسلوب أو إدارة القرار من جانب بعض الوزراء.
عربيا: تجد تكتلا من الصمت أمام الرياح الرمادية التى هبت بين مصر والسعودية وتتكاثف السحب لأمطار الغضب دون تحرك واضح محترف من بعض الحكماء للارتقاء والتقييم للخلافات والاختلافات فى الرأى والأداء الدبلوماسى والسياسى وإدراك لأهمية المخاطر المقبلة من اللاعب الذكى والخبيث إن كان إيران أو روسيا أو أمريكا وقطر، وعلى الجهة الأخرى نجد التقدم لما يسمى ميلشيا الحشد الشعبى المذهبى التابع لإيران يدخل بابا أوسع من التشريع البرلمانى، ليصبح جزءا رسميا من الجيش العراقى، مما يعنى أن العراق العريى الأصيل إصبح بإعادة هيكلة شكل جيشه الجديد يسير فى فلك إيران الفارسى وتظل لبنان عهد عون بلا وجود واختيار لتفعيل لحكومة سعد الحريرى ليكبل القرار ويعلن أنها وحدها بحزب الله وحلفائه يعرقلون مصلحة الشعب والقرار فى لبنان والعرب مجرد شهود أو شهداء.
إقليميا: ثبت وجود خط بحرى بين إيران والصومال لتهريب السلاح إلى إليمن، وتوغل الحرس الثورى الإيرانى فى أزمة سوريا، والتغيير الديمغرافى الواضح لضمان النفوذ الفارسى على عدد من الأراضى العربية وفى تركيا نلاحظ تصويت البرلمان الأوروبى على قرار يترتب عليه توقف مفاوضات طلب الانضمام التركى للاتحاد الأوربى بسبب عدد من الإجراءات الأمنية وحملة الاعتقالات الواسعة التى يشنها أردوغان ضد مئات الآلاف من المواطنين الأتراك، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة منذ الصيف الماضى فقد وصل عدد المعتقلين إلى أربعين ألفا، ومائة وخمسين صحفيا وحوالى ثلاثة آلاف قاض إلخ، وتبقى وحدها للأسف إسرائيل تترصد وتراقب فهى فى كل أزمة وتحالف وقرار هى المستفيد من كل أزمات العرب والإقليم وتفتح خطوط مهما كانت مستحيلا وتراهن على الجميع فقط مقابل ضمان أمنها.
دوليا: فنجد التطورات بعد الانتخابات الأمريكية وصعود ترامب، ففى فرنسا المفاجأة الجديدة أن فرنسوا فيون، رئيس وزراء فرنسا الأسبق الذى كانت الصحف الفرنسية تصفه بأنه «الظل لساركوزى»، فاز فجأة فى الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط أمام كل من نيكولا ساركوزى وآلان جوبى، رغم أن الاستطلاعات كانت تضعه فى الهامش ولم تعطِ له وزنا أو مساحة إعجاب، فهو الذى يعتبر أن الإرهاب الإسلامى الذى يهدد العالم أجمع بحرب كونية ثالثة، ويقدم رؤيته هو الآخر لما يمكن أن يكون عليه شكل التعاون الدولى فيما يتعلق بمحاربة هذا التهديد الإرهابى، وكيفية الحفاظ على هوية دولة فرنسا المسيحية فى مواجهة ما يسميه «الطائفية» التى يمثلها المسلمون المقيمون هناك، «ويجد أن الوضع الذى وصل إليه بلد أوروبى كبلجيكا، وتحولها إلى مستنقع لتفريخ الجهاديين»، راجع، بدرجة أولى، إلى النزعة الطائفية التى ميزت المسلمين الإرهابين فى الفترة الأخيرة هناك ولا يرغب بإعادة التجربة التى بدت فى بلده «فرنسا» وجمعت له الدعم والأصوات وفرصة الفوز برئاسة الجمهورية المقبلة.
ويبقى أمامنا الورقة الأخيرة التى ستطرح على الطاولة بين القطبين بوتين وترامب للشكل الذى تستحقه المنطقة من وجهة نظرهما لتبقى التوازن والمصالح بين القطبين، لإن القيام بإنجازات من طرف أمام الآخر على الأرض، قد يجبر الجميع للاعتراف بأن هناك طرفا يملك دورا محوريا جديدا وترامب نجده يختار فريقه غالبا من شخصيات تحمل صفة قيادات عسكرية سابقة مما يؤشر أن المرحلة المقبلة تهدف لاستعادة نفوذ بالقوة، وروسيا تراهن على مواقفها لترفع العقوبات من عليها بسبب تحركاتها فى جزر القرم وأكرانيا. عام ينتهى بصعوبة مشاكلة وتعقيدات فى الحلول وربما ننتظر عاما جديدا يتخذ طابع المساومات والمقايضات بين أطراف لفرض تقسيم نفوذ وشكل سياسى يحجم قدرات الكثيرين.