هذه نتيجة جهل جيل!

ترى ما سبب الفرق بين جيلنا وجيل آبائنا وأجدادنا؟ فبالرغم من الفرص المتاحة لجيلنا ولجيل أبنائنا والتى لم تكن من حظ جيل آبائنا وأجدادنا من عولمة وانفتاح على العالم بوسائل الطباعة الحديثة وآلات التصوير، بكل وسائل التواصل والاتصال مع العالم فى عوالم الثقافة والفنون والسينما والمسرح وغيرها وسهولة الإطلاع على إعلام العالم فبوجود الأقمار الصناعية أصبح بإمكاننا متابعة آلاف القنوات التلفزيونية الأجنبية هذا غير شبكات الإنترنت، كل القوى الناعمة للعالم نصب عينيك وطوع بنانك وأصبح العالم قرية صغيرة فبضغطة زر يمكنك مشاهدة ما يجرى فى أقاصى بقاع الأرض وبإمكانك ارتياد العديد من المكتبات وحضور المحاضرات بمختلف اللغات فى أعرق جامعات العالم كبثٍ حى live والحصول على الشهادات بل وأعلى الدرجات العلمية منها ودون أن تبرح مكانك هذا فضلاً عن سهولة التنقل والسفر بل وأصبح تعلم أى لغة أجنبية أو عربية كتابة ونطقًا فى متناول الجميع عبر الإنترنت ولو أردت لوجدت معك على هاتفك المحمول معجمًا نقالاً كل الوقت بكل لسان وبإمكانك القيام بترجمة أى مقال لأى لغة شئت ومع ذلك تجد من حملة شهادة الدكتوراه ممن يفترض فيهم العلم والثقافة يفتقرون للمعلومات العامة ويجهلون أبسط قواعد اللغة، ويخطئون فى الإملاء وكأنهم لم يقرأوا فى حياتهم حتى الجرائد أخشى أنه فى المستقبل ستطالبنا الدول الأجنبية بمعادلة شهادة الابتدائية قبل السماح لنا بالعمل وليس فقط معادلة شهادة البكالوريوس! حتى من الكتاب والصحفيين الذين حرفتهم الكتابة تجد من لم يبلغ من مفردات اللغة وتعبيراتها ما يسعفه فاستعاض عن هذا الفقر بترصيع كتاباته بالتعبيرات الدارجة وبمفردات العامية وكأن هذا نوعٌ من انواع التلطف والتبسط مع القارئ! وغير ما نسجل من سطحية الأفكار وعدم المنهجية فى العرض قلما نجد فيما نقرأ إضافة أو تحليلاً منطقيًا بل على العكس كثيرًا ما نجد المحتوى فارغًا أجوف منافيًا للمنطق متنافيًا مع العلم! وبعد كل هذا القصور يرى كل فى نفسه شيخ طريقة من المتأسلم للملحد! بينما فى الأجيال السابقة كان بإمكان الحاصل على شهادة الابتدائية أن يكون "محمود عباس العقاد" فيكون موسوعيًا، ويكون أديبًا مفكرًا وفيلسوفًا، مؤلفًا وشاعرًا يترك لنا وللأجيال تراثًا من المراجع والمؤلفات. قطعًا الموضوع لا يتوقف عند التعليم وإلا ما وصل العقاد لما وصل إليه من مستوى فكرى وثقافى وهو لم يحصل إلا على الابتدائية! ولكان حملة الدكتوراه فى عصرنا هذا؛ عصر العلم والتكنولوچيا والعولمة؛ الأكثر ثقافةً وحكمة! شىء ما خطأ فى المتلقى فى ظل ما وصفت من كل وسائل المعرفة، شىء ما خطأ فى البيئة التى نعيشها أنتج ثقافةً هجينةً جعلت بين هذا الجيل وبين كل وسائل المعرفة هذه حائلاً وسداً منيعاً، شىء ما أطبق على المفاهيم والرؤى فأصابها بالجمود والتعنت والعقم الذى تفاعل مع الجهل فعَمَّقَه فأصبح الواحد منهم فريسةً سهلة والنهاية خرج من هذا الجيل الجاهل أسوأ أنواع الإسلاميين وأسوأ أنواع الملحدين كلاهما لا على شىء تعرفهما فى لحن القول، كلاهما فى الجهل والتطرف والتعصب لفكره ورفض الآخر وكرهه له سواء، كلاهما يعتنق تطرفه الفكرى ليرفعه عن غيره درجة، يمارسه من قبيل الوجاهة الاجتماعية والتمَيُز والاستعلاء على الآخر وفى كلاهما شرٌ مستطيرٌ وشر الأول أعظم لأنه فى غياب السلام النفسى يغيب السلم وتكون الغلبة للصوت الأعلى للأكثر عنفاً وأذى للأكثر كرهًا ودمويةً بل لنقل الأكثر جنوناً وجهلاً وتلك جنايةٌ على مصر . التعليم هو السلاح الوحيد القادر على انتزاع البذرة الفاسدة التى غرست فى جيل من الببغاوات عقولهم فى آذانهم، التعليم هو الجراحة الوحيدة القادرة على انتزاع العقل من الآذان وإعادته إلى مكانه الطبيعى ليمارس وظيفته الطبيعية "التفكير"! وحيث إننا فى مرحلة الخطر إما أن نلحق أنفسنا أو لن نلحق أبدًا يجب أن ندرك أنه لا غنى لأمثالنا عن اعتبار قضية التعليم أولى الأولويات وأن نركز جهودنا فى البحث عن كيفية تطوير المنظومة وتغيير فلسفتها برمتها لتكون قادرة على إجراء هذه الجراحة الخطيرة العاجلة فالتعليم لمصر ليس رفاهية إطلاقًا التعليم لنا أمن قومى لا يقل قيمة عن الأمن الغذائى فإذا كان الطعام غذاء الأبدان فالتعليم غذاء العقول والفنون غذاء الأرواح وإذا جدبت العقول والأرواح يصيبها فى النهاية ما أصابنا! يقول كلود هيلفتيوس: "يولد الناس بشر وليسوا بأغبياء، والتربية هى من تجعل منهم أغبياء" · استاذ بطب قصر العينى



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;