انتهت 2016 بحلوها ومرها، لكن المؤكد أنها كانت فارقة فى السياسة الخارجية، بمفاجآتها التى أرهقت كل المحللين وحتى المنجمين، فمن كان يتوقع أن يهزم دونالد ترامب، المنافسة الديمقراطية الشرسة هيلارى كلينتون، المدعومة من مؤسسات الدولة والإعلام الأمريكى، ورجال الأعمال.
فوز ترامب ووصوله للبيت الأبيض هو المفاجأة الأكبر فى 2016 التى انتهت بمفاجآت لا تقل أهمية عن فوز ترامب، فالعام انتهى بانقلاب أمريكى على إسرائيل، وامتناعها على استخدام حق الفيتو ضد قرار مطروح على مجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبعدها انقلبت تركيا على الولايات المتحدة، وانضمت إلى مفاوضات روسية إيرانية لحل الأزمة السورية، انتهت إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار فى سوريا بعيداً عن علم واشنطن، التى لم تملك إلا أن تعلن ترحيبها بالاتفاق والموافقة على القرار الذى تقدمت به موسكو إلى مجلس الأمن لتثبيت الاتفاق دولياً.
المتابع لما حدث فى 2016 سيكتشف أنها شهدت تقلبات فى الكراسى السياسية، فالأعداء لم يظلوا على حالهم، كما الأصدقاء أيضاً، والدليل هو التوصل لاتفاق ينهى الأزمة النووية الإيرانية، ويفتح صفحة جديدة فى العلاقات بين واشنطن وطهران، صفحة أغضبت حلفاء واشنطن سواء فى تل أبيب أو فى دول الخليج ممن يعتبرون إيران العدو الأكثر خطورة على المنطقة.
فى 2016 أيضاً أنهت واشنطن القطيعة السياسية والاقتصادية مع كوبا ونظام كاسترو، فى مفاجأة صدمت الكثيرين، خاصة فى الداخل الأمريكى، لأنها فتحت الأبواب أمام أحاديث تتناول تغيرات فى السياسة الخارجية الأمريكية، وتنبأت بأن تواصل واشنطن سياسة الانفتاح على الأعداء، خاصة الدب الروسى، لكن الأمنيات لم تتحول إلى واقع، ففى البداية كان هناك غزل متبادل بين موسكو وواشنطن، لكن السنة انتهت بقرار غريب من إدارة أوباما بإعلانها طرد 35 دبلوماسياً روسياً من أراضيها، وفرض عقوبات على روسيا طالت بعض الشركات، والأجهزة الأمنية، وقيادة القوات المسلحة الروسية، وذلك على خلفية مزاعم بشأن «تدخل روسى» فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.
فى 2016 أيضاً فاجأ البريطانيون العالم كله بتصويتهم لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبى، وهو القرار الذى سبب ارتباكاً شديداً ليس فى السوق الأوروبية فقط، وإنما فى العالم كله.
مع كل هذه التغيرات والمفاجآت التى شهدها العالم فى 2016 بقيت مصر على منهجها وسياستها المدروسة بحكمة وقناعة مصرية خالصة، لم تنحاز لطرف على حساب الآخر، واختارت لنفسها طريقاً واضحاً لا لبس فيه، وابتعدت عن المفاجآت، لأنها كانت تسير وفق خطوات مدروسة.