3 مشاهد تكشف إقالة وليست استقالة مدير الاتصالات بوكالة الاستخبارات البريطانية
ما هو السر وراء استقالة روبرت هانيجان، مدير الاتصالات بوكالة الاستخبارات البريطانية، يوم الاثنين الماضى؟ وهل استقالة أم إقالة؟ وما علاقة الرجل بمقتل الشاب الإيطالى «جوليو ريجينى» وسقوط الطائرة الروسية فى سيناء؟
بداية، لابد من التأكيد أن قراءة سيناريوهات الأحداث بشكل متأنٍ وبهدف التوصل لإجابات وحلول لمعادلات وشفرات «حسبة برما» أصبحت فريضة، وليست سنة محببة، للأجهزة الأمنية ومطابخ صنع القرار.
الاستقالة التى تقدم بها مدير الاتصالات بالمخابرات البريطانية خلال الأيام القليلة الماضية، ثم التسريب الذى أذاعه التليفزيون المصرى الرسمى، لفيديو حوار بين الشاب الإيطالى جوليو ريجينى، يتفق فيه مع محمد عبدالله، نقيب الباعة الجائلين، على تقديم معلومات عن أوضاع الباعة الجائلين، فى مقابل مبالغ مالية، مقدمة من بريطانيا.
ثم التصريحات الصحفية لمحمد عبدالله التى تناقلتها عدد من وكالات الأنباء المهمة، أكد فيها أن علاقته بالشاب الإيطالى بدأت عندما طلب ريجينى المساعدة فى بحثه الذى يتناول قضية الباعة الجائلين، وبصفته نقيب الباعة فى القاهرة، ورئيس الشعبة فى اتحاد عمال مصر، تواصل معه بهدف أن يصل صوت الباعة للمسؤولين، إلا أن الحديث اختلف بعد ذلك، عندما بدأ «ريجينى» يتحدث عن «انقلاب فى مصر»، ثم طلب عمل ورشة لبحث الحالة الاجتماعية والاقتصادية لكل بائع بمفرده، وأشياء أخرى من هذا القبيل.
ثم والأهم، أن محمد عبدالله أكد أن الأجهزة الاستخباراتية البريطانية أرسلت «ريجينى» للقاهرة، بغرض «التجسس»، وإعداد تقرير عن حياة الباعة الجائلين فى مصر، وتخلصت منه بتصفيته، بعد أن تم اكتشاف أمره، وأن الحديث مع ريجينى طويل، وليس الجزء المسرب فقط.
هذه التصريحات، ثم استقالة أو إقالة مدير الاتصالات فى وكالة الاستخبارات البريطانية، بشكل مفاجئ التى لم يمر على تعيينه فى هذا المنصب سوى عامين فقط، الذى جاء عقب تسريب موظف وكالة الأمن القومى الأمريكية السابق إدوارد سنودن وثائق حول جمع بيانات مراقبة بريطانية أمريكية، إنما يثير الشكوك، وأن الرجل قد ورط المخابرات البريطانية فى تصفية الشاب الإيطالى ريجينى، وإسقاط الطائرة الروسية، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار، أن روبرت هانيجان، وبمجرد توليه منصبه، عمل على توسيع دور الوكالة الاستخباراتية، وإطلاق حملات توظيف ملفتة.
هذه الشواهد، وتواتر الأحداث، وقراءتها بشكل جيد، إنما يمثل فك رموز شفرة مهمة من شفرات مقتل الشاب الإيطالى الذى تبنت قضيته بريطانيا وكأنه أحد أبناء الأسرة الملكية الحاكمة فى قصر باكنجهام.
وإمعانا فى القراءة الجيدة لهذه الأحداث، فيمكن لنا تلخيص ثلاث مشاهد مهمة للغاية، حدثت بترتيب زمنى متقارب وسريع ولافت، يمكن أن تفك شفرة علاقة المخابرات البريطانية بمقتل ريجينى، وسقوط الطائرة الروسية فى سيناء، وسقوط الطائرة المصرية التى أقلعت من فرنسا.
المشهد الأول:
يوم 9 يناير 2017، زار رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية أليكس يانجر، القاهرة، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتم نشر الخبر، وفقا لبيان رسمى صادر من رئاسة الجمهورية، يؤكد أن اللقاء ناقش التعاون من أجل مكافحة الإرهاب، وأن أليكس يانجر، صرح بأن بلاده تعتبر مصر ركيزة أساسية للاستقرار والسلام فى منطقة الشرق الأوسط.
المشهد الثانى:
يوم 20 يناير 2017، ذاع التليفزيون الرسمى المصرى، مقطع فيديو، يكشف فيه اتفاق «ريجينى» مع نقيب الباعة الجائلين، الحصول على معلومات عن أوضاع الباعة الجائلين، مقابل مبالغ مالية، وأن هذه المبالغ قادمة من بريطانيا.
المشهد الثالث:
يوم 23 يناير 2017، تقدم وبشكل مفاجئ، روبرت هانيجان، مدير الاتصالات بوكالة الاستخبارات البريطانية، باستقالته، رغم أنه لم يمر على تعيينه سوى عامين فقط، وهناك تواتر لمعلومات تؤكد إقالة الرجل وليست استقالته.
هذه المشاهد الراصدة للأحدث حسب الترتيب الزمنى، المتواتر والمتقارب زمنيا، يمكن قراءته على أنها نتائج مترتبة عن بعضها البعض، ولا تحتاج إلى قريحة العباقرة، فى أن هناك أدلة كشفت تورط مدير الاتصالات بالمخابرات البريطانية بشكل أو بآخر بمقتل ريجينى، وسقوط الطائرة الروسية فى سيناء.
خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن لندن، سخرت كل إمكانياتها السياسية والاستخباراتية، للعمل ضد القاهرة، وتحولت إلى عاصمة التخطيط لكل المؤامرات الرامية لتأجيج الأوضاع وإثارة الفوضى فى مصر، وتجنيد خونة الداخل لتنفيذها، ومنح الضوء الأخضر لوسائل إعلامها، مثل الجارديان، وتليفزيون وإذاعة الـ«بى بى سى» الناطقة باللغة العربية، لشن حملات تشويه الوضع فى مصر، وتحت إشراف كامل من المخابرات البريطانية الـ«الإس آى إس».