تناولت فى مقال أمس، حالة «المرض بالمعارضة»، شارحا آثارها السلبية على السلطة والمعارضة والوطن أيضا، واليوم سأضرب مثالا لأحدث مواسم ظهور هذا المرض الذى اقترن بإذاعة خطابات الرئيس عبدالفتاح السيسى، والأزمة هذه المرة أن الرئيس حينما تحدث عن فداحة كارثة انتشار الطلاق حتى تعدى نسبة %40، كثرت الأقاويل، وتندر المتندرون، وسخر الساخرون، وتعامى البعض عن أهمية حديث الرئيس عن مشكلة اجتماعية كهذى، كما تعامى عن أن تلك الأزمة من أهم الأزمات التى تواجه المجتمع المصرى الذى يوصف عادة بأنه «فى رباط إلى يوم الدين» فكيف نحافظ على هذا الرباط بين أفراد الشعب إذا كان الرباط بين أفراد الأسرة متفسخا؟
هل هذه هى المعارضة؟ وهل من الضرورى على المعارض لكى يثبت أنه «معارض» أن يقلل من قيمة ذاته، وأن يظهر فى صورة من يسخر من البحث عن علاج لأزمة اجتماعية كبرى؟ ثم أليست هذه الأزمة من أشد الأزمات فتكا بالمجتمع المصرى؟ ثم ألم نصرخ مرارا بالقول إن الحكم الرشيد لا يعنى تسيير المؤسسات فحسب، بل يعنى النظر لمشكلات المجتمع كلها والبحث عن علاج فعال لها؟ فما لكم كيف تحكمون؟ ثم ما لكم كيف تحكمون؟
قال الرئيس، إنه يجب ألا نعتد بالطلاق إلا إذا كان موثقًا، وذلك حرصًا منه على أن نتجنب اللغو فى مسألة جدية كهذى، طارحًا مخرجًا لأزمة التسرع فى اتخاذ قرار الطلاق التى يتورط فيها ملايين البشر فتخرب بيوت ويشرد أطفال ويتفكك مجتمع، فلماذا يعارض البعض هذا الأمر من باب المعارضة فحسب؟ فالرئيس عبدالفتاح السيسى ارتعب من زيادة هذه الظاهرة واجتهد فى أن يجد لها حلا، فماذا فعلت أنت لكى تواجه هذه الظاهرة، الرئيس شعر بالأزمة وفكر وتدبر واهتدى إلى حل ربما لم يعجبك، فإلى ماذا اهتديت أنت؟ ولماذا لم تتخذ هذه الدعوة المفتوحة لعلاج الأزمة وسارعت بطرح وجهة نظر جادة من أجل وقف نزيف الترابط الأسرى فى مصر؟ ولماذا تصر على استنزاف المجتمع فى قضايا فارغة شكلا ومضمونا، محاولا إجهاض أى تجديد، وإغماض أى عين متطلعة؟ فمتى سنتعلم أن المعارضة مسؤولية حقيقية أشد صرامة من الموالاة؟ ومتى سندرك أن المعارض الحق هو خير معين للدولة وخير حام لها؟.