لا أعرف وزير الإسكان مصطفى مدبولى، لكنه شد انتباهى خلال مؤتمر الشباب بأسوان، وكنت حريصًا على مراقبة الوزراء، وردود أفعالهم وإجاباتهم عن الأسئلة، وبدا واضحًا أن مدبولى «مذاكر» جدًا، وأكثرهم إنجازًا ونجاحًا وجهدًا، بعكس آخرين، الموضوعات «تايهة» منهم، ولا يجيدون التواصل ومد أحبال القبول والإقناع.
وزير الإسكان الذى يندر أن تضبطه مبتسمًا، كان جاهزًا وحاضرًا عندما استدعاه الرئيس على المسرح، ليرد على اتهامات الشاب «علاء» بشأن الصرف فى مياه النيل، وقال كلامًا محددًا حول الانتهاء من محطتين والثالثة فى النصف الثانى من العام، وأراد الرئيس أن يقدم بيانًا عمليًا على الهواء مباشرة، لانه أحس «إن الناس مش مرتاحين»، فاصطحب الشباب والوزير والكاميرا بشكل يشبه الصدمة إلى موقع المحطات، وتأكد الجميع من صحة ودقة ما قاله وزير الإسكان، وتمتعه بلياقة ذهنية عالية.
ودون ذكر أسماء، لم يعجبنى وزراء ووزيرات لا يجيدون الحديث والعرض والإلمام وفنون مخاطبة الجماهير، فالإنجازات التى لا تتحدث عن نفسها، يضيع مفعولها فى موجات الشائعات والأكاذيب، والوزير الذى لا يمتلك سلاح الرد والردع والمصداقية، يكون عبئًا على الحكومة والناس، والناس فى هذا الزمن الصعب يحتاجون من يتواصل معهم، ويفتح أمامهم أبواب الأمل، فاليأس والإحباط عدوى، والتفاؤل والثقة عدوى، و«أهل الشر» يتربصون للعودة إلى المسرح ولو من «خرم إبرة»، وطريقهم يمر عبر إشعال الأزمات، والمتاجرة بآلام الناس وأوجاعهم، ولن يرتفع شأنهم إلا إذا وقفوا فوق الحطام والأشلاء.
الحكومة الجديدة تحتاج وزراء من صنف وزير الإسكان، يتحدثون بحساب، ولا يسرفون فى الظهور، أو يمتنعون عن مخاطبة الناس، والنموذجان مضارهما أكثر من نفعهما، فـ«التلميع» الزائد مثل الاحتجاب التام، والمؤشرات تقول إن المشروعات التى يجرى تنفيذها على أرض الواقع فى مختلف المجالات سوف تغير وجه الحياة تمامًا بعد سنوات قليلة، وتبشر بدولة حديثة صاعدة ومتقدمة، والمهم أن يكون الناس على أعلى درجات الوعى والإدراك، ليقفوا سدًا منيعًا يحمى بلادهم من أهل الشر الذين يذرفون دمًا بدلًا من الدموع كلما ارتفعت «طوبة» تبنى الوطن.