على الرئيس الأمريكى الجديد دراسة قراراته بعناية حتى لا تتسبب فى أزمات داخلية وخارجية له
الجمعة الماضية وقع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مرسوما يحظر لتسعين يوما دخول مواطنى سبع دول مسلمة الأراضى الأمريكية، بهدف التصدى لإرهابيين إسلاميين متطرفين محتملين، ويشمل المرسوم أو القرار رعايا دول «سوريا والعراق والسودان والصومال وليبيا واليمن وإيران»، ويأتى ضمن الإجراءات والقرارات التى كنت شخصياً أتخوف أن يلجأ لها ترامب، لأنها بصراحة شديدة تساعد فى هدم قيم التضامن الإنسانى الدولى.
ترامب يبرر قراراه بأنه نابع أساساً من قرار سابق لإدارة باراك أوباما صنف هذه الدول بالإرهابية، كما أن الدواعى الأمنية اقتضت اتخاذ هذا القرار، لكن يجهل ترامب الأسباب التى دفعت هذه الدول لكى تكون فى مصاف الدول الفاشلة، كما يعتبرها هو، أو التى جعلتها بيئة حاضنة للإرهاب والإرهابيين، ألم تكن السياسة الأمريكية التى كان يتبعها سابقيه شواء جورج بوش الأبن، أو أوباما هى التى أدخلت هذه الدول فى صراعات داخلية وحروب أقليمية، جعلتها مرتعاً للإرهاب والجماعات الإرهابية، التى نشأ بعضها كصنيعة للمخابرات الأمريكية، وأن هذه الدول بخلاف إيران، تجاهد لمواجهة الإرهاب والميليشيات المسلحة، وكانت تنتظر من ترامب أن يكون مساندا لهم فى مواجهة الإرهاب لا مسببا لأزمات لا طائل من ورائها لهذه الدول.
أعتقد أن ترامب مطالب بأن يستمع لآراء من حوله، والمتضررين من قراراته الأخيرة، ولا يتعجل النهاية، لأنه لا يمكن أن يظل يحكم بهذه الطريقة التى تجلب عليه الكثير من الأعداء فى الداخل والخارج، فقد يكون لدى الرجل مبررات وأهداف يسعى لها ونحترمها جميعاً، لكن المهم هى الطريقة التى سيلجأ لها لتطبيق ما يريده، نعم هو يبحث عن تأمين بلاده بتكلفة أقل، فقرر اللجوء للقرارات الأسهل بالنسبة له، لكنه مطالب بأن يبحث عن حلول أخرى لا تكبده خسائر مستقبلية، ولا تتناقض أيضاً مع القيم الديمقراطية والإنسانية.
ترامب مطالب بأن يستمع لما قاله الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس الذى وجه انتقادا شديدا لقراره الأخير، ووصفه بأنه بمثابة «إجراءات عمياء قد لا تكون فاعلة»، لأنه كما قال «البلدان الساعية إلى تعزيز مراقبة حدودها لا يمكنها اتخاذ تدابير تقوم على أى شكل من أشكال التمييز على أساس الديانة أو الإثنية أو الجنسية».
ترامب أيضاً مطالب بأن يستمع لما قاله رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادى، الذى يحارب الإرهاب فى بلاده حاليا، فالرجل اعتبر قرار حظر دخول العراقيين الولايات المتحدة بأنه يشكل عقابا لمن «يقاتلون الإرهاب»، موجهاً حديثه لترامب قائلاً: «أنت تأتى على الضحية لتحاسبه، على الناس الذين يضحون والذين يقاتلون الإرهاب لتعاقبهم».
على ترامب أن يدرس قراراته بعناية شديدة، حتى لا تتسبب فى أزمات داخلية وخارجية له، وقد رأينا ردود الفعل داخل الولايات المتحدة على هذا القرار التى كان منها أن تحالفا واسعا يضم أكثر من 20 من شركات التكنولوجيا الأمريكية أعلنت أنها فى سبيلها للتخطيط لاستراتيجية قانونية مشتركة للطعن على القرار الذى أثار غضب جهات عدة بينها شركات التكنولوجيا التى تعد صاحبة النفوذ القوى فى الولايات المتحدة والعالم كله حالياً، حيث أعرب الرؤساء التنفيذيون لكل من جوجل ومايكروسوفت وفيس بوك وآبل عن قلقهم من قرار منع دخول لاجئى ورعايا الدول السبعة، خاصة أن هذه الشركات لديها موظفون ولدوا فى هذه الدول، وسيعانون من القرار بشكل مباشر.