يتصدر هذا الفيلم سوق الإيرادات فى إجازة نصف العام، رغم أنه لا يحمل اسم نجم شباك كمحمد رمضان أو أحمد حلمى، ولم يقم حوله جدل دينى أو سياسى أو رقابى سابق على عرضه كفيلم مولانا ليدفع الجمهور حتى يشاهده لكى يشارك فى الجدل، ولا يحمل أفيشه اسم مخرج أو كاتب يثق المشاهدين فى عملهم مسبقاً لكى يذهبوا لمشاهدة الفيلم، ورغم هذا يتصدر القرد بيتكلم سوق الإيرادات فلماذا؟ وربما قبل الرد على هذا السؤال أو على الأصح فى إطار الرد على السؤال علينا أن نقول أن القرد بيتكلم يتنافس مع خمس أفلام مصرية أخرى وعدد آخر من الأفلام الأمريكية، وأن كل منها لها جمهوره، ولكن الأفلام المصرية محدودة فعددها ستة أفلام فقط لو استثنينا منها مولانا فسنجد أنها أفلام أغلبها تحمل بصمة الماضى، فالقرموطى وأحمد عيد ومصطفى قمر ليسوا نجوم هذا الجيل الذى يسعى لدخول السينما ويعتبرها فسحة له، فلا يبقى أمامهم إلا محمد رمضان وفيلم يوحى إعلانه بمغامرة وروح مختلفة وهو القرد بيتكلم، ومحمد رمضان له جمهور ولكنه فاقد لجزء منهم وهو جمهور الأعياد الذى اعتاد أن يتابعه معتمدا على العيدية، فإجازة نصف السنة لا وجود فيها لتأثير العيدية، لذا فإن القرد بيتكلم بذلك يكون الخيار الأعلى لكل مشاهد يريد أن يذهب للسينما ويشاهد فيلما مصريا.
ما سبق هو جزء من الإجابة عن سؤال لماذا يتصدر الفيلم الإيرادات وهو أمر لا علاقة له بالفيلم نفسه بقدر علاقته بالظروف المحيطة به، أما الفيلم ذاته فهو من تأليف وحوار وإخراج بيتر ميمى الطبيب الذى تحول للإخراج، وقدم حتى الآن خمس أفلام طويلة لم يلقِ أغلبها لا قبول النقاد ولا الجمهور، ولكنه يبدو مؤخراً كمن وجد طريقه، فمنذ أن قدم العام الماضى فيلم الهرم الرابع المقتبس دون إعلان عن فيلم أمريكى ونجح إلى حد ما، فيبدو أن هذا النجاح المحدود أغراه بأن يكون طريقه للسينما وللمشاهدين هو روح السينما الأمريكية المقتبسة وحتى وهو يقدم أول مسلسل تليفزيونى يكون مأخوذا عن الأب الروحى، ولا تظن أن القرد بيتكلم فيلم مقتبس بالكامل كما يوحى إعلانه من فيلم أمريكى، ولكنه يحمل كثيرا من روحها ولكن بالمصرى، الفيلم يحكى عن شقيقين كل منهما يعمل بالنصب عن طريق حيل سحرية،ويلتقيان بعد فراق دام ثلاث سنوات ليقوما بعملية ما نجهلها كمشاهدين، ولكن مع مرور الأحداث نعرف تفاصيلها وحتى نهاية الفيلم تتكشف لنا أمور، فالفيلم يؤكد أن من خدع يُخدع ولو بعد حين.
بالتأكيد أن المخرج اكتسب خبرة من أفلامه السابقة جعلته أكثر حرفية، وإن ظلت مشاهد المطاردات لديه هى الأفضل، ولكنى لم أفهم لماذا يقدم فيلم مصرى ناطق بالعربى عن ساحرين أو نصابين من مناطق فقيرة أبوهم قرداتى، أغنية مصاحبة للأحداث باللغة الإنجليزية! ورغم هذا لا أستطيع أن أنكر أن الفيلم بكثير من تفاصيليه وأحداثه فيلم ذكى ومثير حتى النهاية.
عمرو واكد والفيشاوى ممثلان موهوبان وقدما دورهما بروح مختلفة عن أدوارهما السابقة خاصة الفيشاوى، كثيرون قدموا دور وزير الداخلية فى أفلام سابقة إما بجدية أو بسخرية، ولكن بيومى فؤاد وحده يقدمه بشكل ثالث وليس كسابقيه، سيد رجب الموهبة التى ظهرت كبيرة كزميله بيومى فؤاد رغم موهبته الطاغية لم يضف لنفسه أو لنا جديدا بهذا الدور، ريهام حجاج فى أول بطولة سينمائية لها تمر بدرجة جيد فى حدود المتاح لها.
فيلم القرد بيتكلم فيلم مسلٍ ومثير وصناعته فوق المتوسط، ويوحى بأنه جاى من بلاد بره وكل هذه مواصفات كفيلة بأن تجعله الاختيار الأول لزبون إجازة نصف العام.