«حين رحلتى أدركت أننى لا أستحقك».. يظن البعض أن رجال الدين لا يعرفون الدمع ولا يشعرون بالفراق، بل يذهب البعض إلى أكثر من ذلك فيعتقدون أن التدين يصنع «غلافا» من القسوة فيما يتعلق بالعواطف الإنسانية، لكن الداعية السعودى «سلمان العودة» شغل الناس فى الأيام الأخيرة بكتاباته وكلماته فى رثاء زوجته «هيا السيارى» التى رحلت مؤخرا وتركته وحيدا.
رحلت زوجة سلمان العودة وابنه وقريبة له فى حادث مرورى، وذلك بعد اصطدام سيارتهم بشاحنة، وبعد هذا الحدث الجلل، وعندما وقف «العودة» أمام قبر زوجته شعر برغبة فى الحديث، والحزن عندما يصيب الإنسان يصنع شيئين متناقضين، إما أن يصيبه بالصمت التام أو بالرغبة القوية فى الكلام عن الراحلين، وربما ظن الناس أن «العودة» سيصمت، لكنه اختار الحديث عن الأحباب الراحلين، وكانت البداية من موقع التواصل الاجتماعى تويتر، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك فقد انتشر فيديو مؤثر يرثى فيه «العودة» أهله وذلك ضمن برنامجه «وسم»، تحت مسمى «أكملى الحكاية»، كما تجوّل فى أرجاء منزله ليستذكر أشياء كانت تقوم بها زوجته.
يعرف سلمان العودة أن الكلام لا يفى بحق زوجته، لكنه أراد أن يقدم لها شيئا من إحساسه بها فكتب تحت عنوان «إليك فى مرقدك» يقول بها «لم تكونى داعيةً بالمعنى الوعظى، سلوكك هو ما وعظنى ودلّنى على الطريق دون كلام أو عتاب.. وها أنتِ ترحلين بثناء الناس وحبهم، وتتركيننى للوعة والحنين، بعض عزائى أنى حاولت تدارك أخطائى فى حياتك وقدمت لك كلمات الحب قبل فقدك، ذهبتِ بلا توديع كما فعل حبيبك ذات صباح!، فى حياتك، وهبتنى الحب صافياً نقياً، وبعد رحيلك وهبتنى حب الناس وقربهم.. كريمة العطاء فى الحياة والموت، عطشك لمن اخترتِه واختارك دلّك على طريق الوصول، وعطشى هو الذى يسوقنى إليك ويجعلنى أحتفظ بك فى داخلى!».
لا يتخيل الداعية الإسلامى سلمان العودة حياته دون زوجته، فها هو كلما تذكر شيئا كانت هى شريكته فيه، سنوات طويلة، بحلو الحياة ومرها، تقاسماها معا، لا ينسى حضورها فى وقت الأزمات، ولا ينسى تأثيرها الإيجابى على حياته كلها.
ما يفعله سلمان العودة هو دعوة للانتباه للأحباء قبل فوات الأوان، هو يقول لنا أحبوا زوجاتكم وأبناءكم ولا تنتظروا يوما تقفون فيه على شفا حفرة مصابين بالفجيعة، لتدركوا قيمة الناس وفضلهم، بالطبع لم يقصد العودة من بكائه زوجته أن يقدم لنا عظة دينية لكنه حدث بالفعل.