ذهب علاء مبارك لتقديم واجب العزاء فى وفاة والد نجم كرة القدم المحبوب محمد أبوتريكة، فانفجرت التعليقات الغاضبة، وتبارت التحليلات التى تتكلم بفذلكة لافتة عما وراء الحدث، قال متفذلك: «علاء من رجال نظام مبارك، وذهابه إلى تقديم العزاء لواحد من ممولى جماعة الإخوان، دليل على أن الاثنين كانا يتحالفان أثناء حكم مبارك، وها هما يستمران فى التحالف»، وقال آخر: «علاء مبارك يعود من بوابة أبوتريكة».
لا شىء من هذا يحترم جلال الموت، ولا يراعى طبيعة المصيبة وقسوتها على أهلها، ولا يعرف الأصول الاجتماعية والأخلاقية التى تحث على تقديم الواجب فى مثل هذه المحن.
إغفال كل ذلك يحمل الأمور بما لا يحتمل، نسيانها يؤدى إلى إطلاق تنبؤات واجتهادات تفتقد إلى ألف باء المنطق، فلا غياب علاء مبارك أو شقيقه جمال عن سرادق العزاء فى والد «أبوتريكة» يعنى انتصارا لثورة 25 يناير ولمعارضى نظام مبارك وأنا منهم، ولا حضورهما يعنى انتكاسة للثورة التى مازلت مؤمنا بها وبنبل أهدافها رغم كل الضربات الموجعة ضدها.
نحن أمام واجب إنسانى فعله علاء مبارك لنجم جمعته معه ذكريات طيبة أيام كان يصول ويجول فى الملاعب، وذهب إلى القصر الرئاسى مع زملائه أكثر من مرة، فعل «علاء» الواجب كما فعله نجوم الكرة وأقطاب عالمها، الخطيب، وائل جمعة، حسام غالى، عماد متعب، أحمد شوبير، إسلام الشاطر، محمد بركات، محمد حمص، وائل رياض، وغيرهم من ناس ينتمون إلى كل الطبقات والفئات، والحصيلة أننا شاهدنا سرادقا يجلس فيه الموظف مع العامل والفلاح وصاحب النفوذ، يجلس أصحاب الجلباب بجوار أصحاب البدل، يجلس المؤيد لنظام الحكم الحالى مع معارضيه، يجلس أهل أبوتريكة وأصدقاؤه وجماهيره، يجلس الذى يتذكر للمتوفى ذكرى طيبة ومن لا يعرفه من الأصل، يجلس أبناء القرية والقرى المجاورة الذين لا يتخلفون عادة عن مثل هذه المناسبات، وهى مناسبات لا يستطيع أحد أن يمنع هذا أو ذاك من حضورها، بل إن العيون تكون مفتوحة أكثر على الذين لديهم خلافات مع أهل المتوفى، ومن يترفع عنها يكبر فى عيون الآخرين.
لو جرينا وراء التأويلات التى تخرج فعل علاء مبارك من سياقه الطبيعى والإنسانى، فلابد أن نجرى وراء تأويلات البعض للحفاوة التى قوبل بها فى العزاء، وهذا ما يغفله المتفذلكون.. علاء عمل الواجب وهذا طبيعى، وكفى.