برافو محافظة القاهرة، على إطلاق مشروع أكشاك، وسيارات شراء القمامة من المواطنين، فالمشروع نقلة حضارية بامتياز، وكثيرًا ما طالبنا بحلول ناجعة لأزمة جمع القمامة والاستفادة منها، بدلًا من ترك الأمور للعشوائية المدمرة، تارة يظهر الزبال التقليدى يجمع القمامة من الشقق نظير شهرية، وتارة أخرى الشركات الأجنبية التى أفسدت شوارعنا وقضت على الهيئة العامة للنظافة، والتجميل بالمحافظات، وتارة ثالثة تترك الأمور للنباشين الذين يختارون من أكوام القمامة ما ينفعهم، ثم يبعثرون البقية ويمضون لحال سبيلهم دون محاسبة.
مشروع شراء المخلفات الصلبة من المواطنين مجرد نواة، لا يمكن تركها عملية رمزية فى حى واحد أو حيين من الأحياء الراقية حتى نبدو وكأننا ننجز، ثم نترك المشكلة الحقيقية دون حل، لا علينا تقسيم القاهرة والمحافظات إلى قطاعات بعد أن ندرس احتياجاتها من الأكشاك والسيارات بحسب الكثافة، وأن نركز على المناطق المزدحمة والعشوائية.
المفترض فى مثل هذا المشروع، أن يصاحبه أكبر حملة لتوعية المواطنين بضرورة فصل القمامة من المنبع، وأن يتم تحديد أكياس بألوان مختلفة لكل نوع قمامة، وكيف تستفيد كل ربة منزل مثلًا من الورق والكرتون وعبوات الزيت والمعلبات المحفوظة والكانز بدلًا من إهدارها، وفور انتشار هذا الوعى العام بأهمية المخلفات الصلبة ستقل نسبة القمامة فى الشوارع ويصبح المواطنون أكثر حرصًا وإدراكًا لقيمة ما يهدرونه فى القمامة، لأنهم ببساطة سيعلمون أن ما يهدرونه الآن من معلبات بلاستيكية أو عبوات كارتون أو كانز فارغة يمكن تصديرها للخارج بالعملة الصعبة.
وعلينا أيضًا أن ننظر لمشروع شراء القمامة من المواطنين على أنه جزء من خطة عامة لجعل القاهرة والمحافظات أكثر رقيًا وتحضرًا، فإذا كان هدف المشروع هو المخلفات الصلبة التى يمكن إعادة تدويرها، فماذا عن المخلفات العضوية؟ وهل هناك مشروعات مماثلة للتعامل مع تلك المخلفات حتى لا نشهد أكوام القمامة فى الشوارع وأمام المدارس والمصالح الحكومية وحتى نوقف مسلسل حرق القمامة بما له من تأثير مدمر على البيئة؟
هل يمكن أن نستثمر قليلًا فى بناء وعى عام بأهمية القمامة، وطرق الاستفادة منها، أى استثمار فى هذا المجال سيأتى بأضعاف قيمته من المخصصات التى تلهفها الشركات الأجنبية أو اعتمادات الأحياء لجمع القمامة عشوائيًا.
وهل يمكن أن نفتح الباب أمام قطاع المجتمع المدنى، للمساعدة فى تدريب وتحفيز المواطنين على الاستفادة المادية من قمامتهم، صدقونى سيتحول العبء إلى مصدر للعمل والإنتاج وتنقلب محنة القمامة إلى منحة لفئات كبيرة فى المحافظات، هل يمكن أن يتعاون الجميع لإنجاح المشروع ؟ يارب .. آمين.