س1: هل ستكون الهيئات التنظيمية للإعلام قادرة على النهوض بأداء الإعلام المصرى وضمان حريته واستقلاله؟
ج1: لا يمكن الحكم من الآن على أداء الهيئات.. ولابد من الانتظار ومنحها بعض الوقت، وهنا أتحدث عن بضعة شهور لا سنوات، حتى تصدر اللائحة التنفيذية للقانون، وتعرف كل هيئة حدود صلاحيتها وسلطاتها، وحتى يتم تشكيل هيئة اللجان المنبثقة عنها، ثم نرى قراراتها ومواقفها من قضايا إعلامية كثيرة تحتاج إلى مراجعة وتصحيح، القصد لابد من الانتظار ولا داعى للتسرع فى إصدار أحكام.
س2: لا حاجة لوقت أو انتظار، لأن الهيئات الثلاث غير مستقلة عن الحكومة، كما أن أغلب أعضائها لهم مواقف معروفة من حرية الإعلام، وبالتالى أليست النتائج معروفة من الآن، بأن هذه الهيئات ستكون أسوأ من وزارة الإعلام فى التضييق على حرية الإعلام والخضوع للسلطة التنفيذية؟
ج2: لا داعى للتسرع فى إصدار الأحكام أو التعميم، صحيح أن القانون لم يضع ضمانات واضحة لاستقلال الهيئات الثلاث، لكن من يدرى، فالممارسة العملية قد تؤكد على استقلال تلك الهيئات، وصحيح أيضًا أن بعض أعضاء الهيئات الثلاث ليس لديهم موقف واضح من حرية واستقلال الإعلام وحل مشاكله، لكن هناك أعضاء لديهم رؤى متطورة وشجاعة للغاية، وقد تدفع بالأداء العام للهيئات الثلاث إلى الأمام.
وبدون ذكر أسماء هناك خبراء وأساتذة فى المجلس الأعلى للإعلام وفى الهيئة الوطنية للصحافة لديهم كتابات منشورة عن سبل تطوير الصحافة القومية وضمان استقلالها، وكيفية تحويل بعضها إلى إصدارات أونلاين، وما يتطلبه ذلك من إغلاق بعض الصحف والمجلات الورقية وتحويلها إلى إصدارات إلكترونية، وما يتطلبه ذلك من إعادة تدريب وتأهيل مئات الصحفيين بحيث يتحولون من صحفيين ورقيين إلى صحفيين إلكترونيين E.journalist.
كذلك هناك بعض الأعضاء فى المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للإعلام التى ستدير الإذاعة والتليفزيون، لديهم أفكار مهمة عن تطوير إعلام ماسبيرو، وتحويله إلى إعلام خدمة عامة قادر على منافسة القنوات الخاصة والأجنبية، ولاشك أن هذا التطوير لن يكون من خلال تصفية ماسبيرو أو المساس بحقوق العاملين فيه، وإنما من خلال تنظيم أوراقه وإمكانياته البشرية والمادية الهائلة، وضخ مزيد من الاستثمارات والدماء الجديدة فى شرايين ماسبيرو.
س3: ماذا تقصد بالرؤية العامة لإصلاح الإعلام، أعتقد أن هذه الرؤية لا تعنى تحويل الصحف الورقية إلى إلكترونية أو رفض بيع ماسبيرو والدفاع عنه ومحاولة تطويره؟
ج3: طبعًا الرؤية الإعلامية تعنى ما هو أكثر مما ذكرت.. إنها ببساطة تعنى: أولًا: طبيعة دور الإعلام فى النظام السياسى، وما هو المطلوب منه، وما هى حقوقه، خاصة الحرية وحق الحصول على المعلومات. ثانيًا: الإيمان بحرية الإعلام وحق المواطن فى الحصول على خدمات إعلامية متوازنة ودقيقة ومهنية، وحقه أيضًا فى المشاركة فى الإعلام. ثالثًا: إدراك حدود العلاقة بين حرية الإعلام وبين دواعى ومتطلبات الأمن القومى ومصالح الدولة العليا، ومراعاة ذلك فى الأداء الإعلامى من دون أن يتحول الإعلام إلى أداة للدعاية للحكومة أو أداة لإخفاء الحقائق وتشويه الواقع أو تزييف وعى المواطنين.
رابعًا: التسليم بوجود إعلام عام وخاص، ويعمل الإعلام العام «إعلام خدمة المجتمع» من أجل الحفاظ على مجال عام حر للنقاش الموضوعى وتثقيف الجمهور، وتقديم مضامين راقية وخدمة القضايا التنموية، وهذا الإعلام لا يهدف إلا الربح ويموله دافعو الضرائب، أما الإعلام الخاص فهو يعمل بشكل تجارى، لكن ضمن قواعد ومواثيق شرف لا تضر بالصالح العام أو الأمن القومى. خامسًا: الرؤية العامة للإعلام تحدد دور الإعلاميين وعلاقتهم بالحكومة وبالأشخاص أو الشركات التى تمتلك الإعلام، وكذلك علاقتهم بشركات ووكالات الإعلان، ما يعنى تحديد حقوق وواجبات كل طرف، وذلك من خلال مجموعة من القوانين ومواثيق الشرف الإعلامى، والتى تكفل حقوق الإعلاميين والصحفيين فى تشكيل نقابات مستقلة تضع مواثيق شرف وقواعد لممارسة المهنة.
س4: ألا تعتقد أن هذه الرؤية الإعلامية التى تحدثت عن عناصرها غائبة أو مغيبة، وأغلب أعضاء الهيئات الثلاث لا يمتلكون بعض عناصرها؟
ج4: عناصر أو مكونات الرؤية الإعلامية معروفة ومتداولة فى مواثيق الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها، كما أنها تمارس فى كثير من دول العالم، وعلى كل دولة أن تأخذ منها بما يتلاءم مع ظروفها، لكن أود أن أنبه إلى أن مقولة «على كل دولة أن تأخذ ما يتلاءم معها» لا تعنى تقييد حرية الإعلام أو تحويله إلى أداة للدعاية لصالح الحكومة، لأن هناك عناصر أساسية لابد من الالتزام بها، مثل حرية الإعلام، وحقوق المواطن الإعلامية، وحق الإعلام فى الحصول على المعلومات، ومنع الاحتكار.
ونحن فى مصر لن نخترع العجلة من جديد فحرية وتنوع الإعلام ومهنيته معايير أساسية لابد من الالتزام بها، كما أن كل تجارب الديمقراطية تعتمد على إعلام خدمة عامة مستقل عن الحكومة وإعلام خاص ملتزم بثقافة المجتمع وأمنه القومى. وأعتقد أن أعضاء الهيئات الثلاث يعرفون ذلك جيدًا، وعليهم الالتزام بهذه المعايير، والحفاظ على استقلالهم، واتخاذ التدابير والقرارات الكفيلة بوقف فوضى الإعلام والإعلانات، ومنع تضارب المصالح، والإسراع بإصدار قوانين الصحافة والإعلام، وقانون حق الحصول على المعلومات.
س5: أشك فى قدرتهم على تحقيق ما تقول؟
ج 5: أسئلتك تعبر عن موقف متشائم، وأنا مختلف معك، فلدى قدر من التفاؤل وقدر من التشاؤم.. باختصار أنا «متشائل»، وأتمنى أن يساعد السياق العام فى المجتمع والأحداث على تحسين أداء الهيئات الثلاث، لأننا يجب أن نتذكر دائمًا أن أعضاء المجالس لا يعملون فى فراغ، وإنما سيتأثرون كثيرًا بأوضاع المجتمع فى المرحلة المقبلة.