«هل أنتم مسيحيون؟»

يروى الأنبا أغاثون، أسقف مطرانية مغاغة والعدوة، بعض تفاصيل الحادث الإرهابى الذى استهدف عشرات الأقباط ووقع أمس الأول الجمعة بالاعتداء على ركاب ثلاث مركبات كانت تقل 3 أفواج إلى دير «الأنبا صموئيل» فى بنى مزار بمحافظة المنيا، وأدى إلى استشهاد 28 مواطنا بينهم أطفال، وإصابة 24، وترك أحزانا لا حصر لها لدى المصريين الذين تابعوا الجريمة طوال أمس الأول، وسالت دموعهم على مشاهد الضحايا ومن بينهم أسر كاملة. يقول الأنبا أغاثون: «استوقف الإرهابيون الأتوبيس على بعد 4 كيلومترات من المدق المؤدى إلى الدير، وسألوا الركاب: «هل أنتم مسيحيون؟»، أجاب الركاب: نعم. فأنزلوا الرجال وقتلوهم بنيران أسلحتهم، بعد نهب ما يحملونه من هواتف وأموال وما ترتديه النسوة من مشغولات ذهبية». كان الإرهابيون، وفقا لما يذكره المصابون، يستقلون سيارة دفع رباعى، ويرتدون بنطلونات عسكرية مموهة، وأحذية ذات رقبة طويلة «بوت» ويحملون أسلحة نارية آلية حديثة، واختلفت التقديرات فى أعدادهم، وتراوحت بين 12 و15 إرهابيا. سؤال: «هل أنتم مسيحيون؟»، وطريقة تنفيذ الجريمة والأدوات التى استخدمها الإرهابيون من سلاح وملابس وسيارة دفع رباعى، تقود يقينا إلى أننا أمام جريمة درستها الجهة المنفذة من حيث الموقع الجغرافى، ومن حيث الأهداف التى تريد حصدها فى حال نجاح تنفيذها، ومن حيث تجهيز العناصر التى تقوم بها، ومن حيث التوقيت الذى تم اختياره «قبل بدء شهر رمضان بساعات». وحاصل كل ذلك أننا لسنا أمام جماعة إرهابية صغيرة، تنفذ جرائمها بالصدفة وبإمكانيات بسيطة، وإنما نحن بصدد تنظيم كبير له أذرع فى الداخل، لكن عقله وأمواله فى الخارج، والشاهد على ذلك يأتى من أدوات الجريمة، ففيها «سيارة دفع رباعى» و«ملابس عسكرية مموهة» و«أسلحة نارية حديثة»، وفيها اختيار لمكان قاموا بدراسته حتى يستطيعوا الفرار إلى الجبال قبل أن يصل إليهم أحد. كل ذلك يؤكد أن عملية دير الأنبا صموئيل، ليست من تدبير وتفكير وتخطيط مجموعة صغيرة اجتمعت قلوب أعضائها على الضلال، وإنما هى عمل إجرامى كبير يأتى ضمن مخطط كبير، والمخطط الكبير تقف أطراف خارجية وراءه. السؤال عن الديانة لم يكن تعبيرا عن أحلام دينية أطلقها الإرهابيون منذ سبعينيات القرن الماضى بأن تكون مصر بلدا خالصا للمسلمين، وكأن ذلك سيجعل من مصر جنة الله على الأرض، وإنما هو دليل عميق على طموح يستهدف ضرب مصر بمسلميها ومسيحييها، وتصور أن أقصر طريق لتنفيذ هذا الطموح هو استهداف المسيحيين، بحيث تكون الحالة المصرية مادة خصبة بالحديث عن أن فى مصر صراعات طائفية، واضطهاد المسلمين كأغلبية للمسيحيين كأقلية، وغير ذلك مما قد يؤدى إلى تأليب الخارج، وتصدير صورة مصر إلى الرأى العام العالمى بوصفها بلدًا غير مستقر وغير آمن، بدليل أن المسيحيين غير آمنين فيها، ويمكن استدعاء كل العمليات الإرهابية الإجرامية التى تمت ضد المسيحيين فى الفترة الأخيرة للتدليل أكثر على تلك الوجهة. الخلاصة أننا أمام جريمة لا تستهدف المسيحيين، وإنما تستهدف مصر كلها، فالعدو الذى يتربص بنا يبحث عما يتصوره نقطة الضعف فى الحالة المصرية، وتقوده تصوراته المريضة إلى أن اللعب بورقة المسيحيين هى هذه النقطة، ومن هنا كان سؤال: «هل أنتم مسيحيون؟»، والإجابة التى نقولها فى وجه هذا العدو: «نحن مصريون».



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;