برنامج الصدمة في رمضان يصدم الجماهير بحقيقة النفس البشرية ، ويؤكد لعلم النفس أن السلوك الإنساني في لحظات التصرف الحر هو الحقيقة الوحيدة للنفس ، وما غير ذلك فهي سلوكيات قد تكون نابعة من مؤثرات خارجية وضغوط وظروف موقف .
هذا البرنامج أثار شغف علم النفس للتعمق في فكرته وطريقة تنفيذه التي لا يختلف عليها أحد أو يتهمها بأنها غير واقعية أو تمثيل كما يتم توجيه اللوم للبرامج الأخرى .
عزيزي القاريء ، علم النفس يدعوك معه لتأمل ردود أفعال ضيوف هذا البرنامج ، والتي تكشف عن حقيقة هامة ، ألا وهي ( الإنسانية قد تختبئ خلف الضغوط )، وتعني العبارة أن الحرامي والقاسي والمجرم والفقير و... و.... الخ ، فكلا منهم يكون بداخله جزء الانسان، ولكن سلوكه الخاطيء قد يكون بسبب ضغوط الحياة.. والعكس، فقد يكون إنسان سلوكه الظاهري جميل ويمتلك أموالا أو يمتلك منصبا أو .. أو ، ولكنه من الداخل غير إنسان .
إذن فعلم النفس لا يحكم على ظواهر الناس ، ولكن يفتش باستمرار عن المبرر الداخلي للسلوك ،وبالفعل برنامج الصدمة ساعدنا كثيراً على تأكيد هذه الحقيقة النفسية الخطيرة ، فقد نجد أحدهم ظاهرياً ضعيف الجسمان ، متوسط الحال ، ولكنه يدافع بشدة عن إنقاذ الآخر في مشهد من مشاهد الصدمة، وقد نجد أحدهم ظاهره قاسي القلب أو مجرم وعند التعرض للموقف نكتشف انه يتمتع بدرجة عالية من الانسانية، وقد نجد أحدهم قوى البنيان فى الظاهر وشجاعا ولكنه في مشهد الصدمة لا يعنيه أمر الضعيف أو مساعدته.
إذن فإن أردنا ان نعرف حقيقة أنفسنا أو حقيقة الآخر ، فلابد أن نترك له العنان ، دون أن يشعر أنه سوف ينال الثواب أو العقاب على ردود أفعاله من احد . هنا فقط سوف تكتشف حقيقة هذه النفس. الحقيقة التي ليست من أجل الكاميرات ، أو ثناء الناس، أو إرضاء أحدهم، أو نفاق آخر ...الخ.
وفي علم النفس أحياناً لا يكون الانسان ملماً بحقيقة نفسه، ولكنه عندما يتعرض لموقف ما بدون رقيب يكتشف نفسه من رد فعله، فأحدهم كان يقول إنه لن يشرب الخمر أبداً لانه يخاف الله ، ولكنه اكتشف انه عندما سافر الى دولة اخرى بعيداً عن أسرته أنه شرب الخمر. إذن هو هنا اكتشف أن السبب لديه ليس دينيا ولكن خوف من السلطة الرقيبة عليه وهي الأسرة.. وإحداهن قالت انا حدودي في صداقاتي هكذا، وعندما سافرت في رحلة مع أصدقاءها بدون اَهلها وجدت نفسها تلتزم بهذه الحدود. واحدهم قال انا لا أحب الظلم، ولا أحب ان أحد يظلم أحداً ، وبالفعل كان يدافع عن كل أفراد أسرته وأصدقاءه عندما يتعرض أحدهم للظلم ، وبينما كان يمشي في احد الأحياء البعيدة ، ووجد أحد الأشخاص الذين لا يعرفهم يتعرض للظلم في الشارع من اخر، ووجد نفسه لم يتدخل وقال ( وانا مالي) و اكتشف هنا أنه يحب أهله ولكنه قد يقبل الظلم لأحدهم الذي لا يعرفه.. إذن هو عليه أن يقول ( أنا أحب اهلي ولذا لا اقبل عليهم الظلم ) ولا يقول إنه ( لا يحب الظلم بصفة عامة ) ..
برنامج الصدمة بالفعل قدم حقيقة الأنفس ، وبصفة عامة فكل الأنفس تمتلك من الخير والشر ولكن بدرجات. وقد يستخدم أحدهم الشر في مكانه المفيد أو الصحي. والعكس صحيح.. وقد تستخدم إحداهن الخير في مكانه المفيد أو الصحي والعكس أيضاً صحيح. ولذا لا تحكم على نفسك، ولكن عليك باكتشاف حقيقتها والقيام بتدريبها على ما تريد أن تكون انت عليه.. وايضاً لا تحكم على الاخر، بل دع الدنيا بمواقفها وأيامها، هي التي تظهر لك حقيقة الآخر