قولا واحدا، إذا كانت هناك نوايا حقيقية، بجانب خطط عملية، للدفع بمصر إلى مصاف الدول المتقدمة، فلن تتحقق هذه الأمانى، ولن تؤتى الخطط التنموية ثمارها، إلا بعد حشد الهمم، لإشعال نار ثورة التطهير فى «المحليات».
نعم، المحليات فى مصر عبارة عن ألغام قاتلة، مزروعة فى كل الطرق المؤدية نحو إقامة دولة متقدمة ومزدهرة اقتصاديا، وعصرية تأخذ بكل الوسائل العلمية الحديثة، ولذلك وجب على الدولة أن تحشد الهمم وتركز كل الجهود لتطهير البلاد من شبكة الألغام المميتة.
ما يحدث، تحديدا فى الأحياء لا يصدقه عقل، حيث ترتكب كل الخطايا والموبقات الإدارية، بدءا من السماح والتصريح لإقامة عقارات مخالفة ولكم فى أحياء إسكندرية أسوة، أو السماح للتعديات على حرم الشوارع من إقامة أكشاك وأسواق غير مرخصة، أو انهيار المرافق وكل البنية التحتية التى تنفق الدولة عليها «دم قلبها».
ونأخذ عينة للانهيار فى الأحياء على سبيل المثال، للتدليل على حجم المصيبة، وماذا يحدث من مخالفات إدارية صارخة، والعينة تضم 3 أحياء، الأول، حى دار السلام التابع لمحافظة القاهرة، حيث ترتكب فى هذا الحى وعلى يد رئيسه وقياداته وموظفيه، ما لا يصدقه عقل، فناهيك عن الشوارع المكسرة، والصرف الصحى الذى يغرق معظم المناطق بالحى، وانتشار مرعب للقمامة، واستيلاء الباعة الجائلين على الأرصفة، فإن هناك أمرا خطيرا، يتعلق بالسماح للوحدات السكنية، أن تتحول لمنشآت تجارية بالمخالفة الصارخة للقانون، مثل تحويل «شقة سكنية» إلى مكتب دعائى وإعلانى لشركة «إبسوس» للدعاية والإعلان واستطلاعات الرأى.
ورغم كل الوثائق والمستندات التى تؤكد مخالفة تحويل شقة سكنية إلى منشأة تجارية إلا أن رئيس حى دار السلام، يركل القانون بأقدامه بعيدا، ولا يوجد تفسير حقيقى لموقف رئيس الحى سوى، التواطؤ الإدارى لصالح شركة استطلاعات رأى تقيس اتجاه الرأى العام المصرى دون أى سند قانونى، وما يمثله ذلك من خطورة على أمن المعلومات إذا وضعنا فى الاعتبار تسريب نتائج استطلاعات الرأى للخارج.
والمصيبة الأكبر أن مخالفات رئيس الحى، تجرى تحت سمع وبصر محافظ القاهرة، الذى يبدو أنه «يغط فى نوم عميق» فالأحوال الإدارية فى العاصمة لا تسر عدوا ولا حبيبا!!
وإذا غادرت حى دار السلام متوجها إلى حى عابدين، وسط القاهرة الخديوية «باريس الشرق منذ أكثر من قرن من الزمن» فإنك ستشاهد بعينك مدى العبث فى شوارع الحى، فالتكسير اليومى لبلاط الأرصفة، وإعادة تركيبه، ثم تكسيره من جديد، إنما يمثل معاناة كبرى لمرتادى وسط القاهرة للتنزه والشراء المستلزمات من المحلات الشهيرة، أو المترددين على الإدارات والهيئات الحكومية سواء بنوك أو مؤسسات أو هيئات خدمية، بجانب التكلفة المالية الباهظة التى تتكبدها الخزانة العامة للدولة، ونسأل هل هناك رقابة حكومية سواء من وزير التنمية المحلية أو المحافظين لعملية تكسير بلاط الأرصفة وإعادة تركيبها ثم تكسيرها فى متوالية حسابية لا تنتهى؟!
رئيس حى عابدين، لم يجد متسعا من الوقت لتكسير بلاط كل شوارع الحى، سوى فى هذه الأيام التى تعد فيها وسط القاهرة قبلة المواطنين لشراء المستلزمات المدرسية من ملابس وخلافه، وأيضا للخروج والتجوال والجلوس على المقاهى الشهيرة، وكأنه يعاقب المواطنين فى إجازات الصيف، ناهيك عن تعنت رئيس الحى مع أصحاب محلات البورصة، التى كانت فيما سبق «مقاهى» يرتادها الشباب من كل حدب وصوب، ورغم قرار إغلاق المقاهى، فإن أصحاب المحلات لم يمانعوا وتوسلوا لسعادة رئيس الحى وموظفيه، تغيير نشاط محلاتهم، إلى أى نشاط تجارى آخر، بديلا عن المقهى، مع أخذ كل التعهدات المكتوبة والموثقة بتغيير النشاط، لكن رئيس الحى وموظفيه، لم تهز توسلات أصحاب المحلات، شعرة واحدة من شعورهم!!
وكالعادة، السيد المبجل، محافظ القاهرة، مازل يغط فى نوم عميق منذ تعيينه محافظا للعاصمة وحتى كتابة هذه السطور، لا حس ولا خبر، تاركا موظفى الأحياء ينكلون بالعباد، ويرتكبون كل الموبقات الإدارية.
وإذا انتقلنا من القاهرة وتوجهنا إلى حى الدقى، فحدث ولا خرج، خد على سبيل المثال شارع هارون، أتحدى أى مواطن يستقل سيارة دفع رباعى أن يسير فى هذا الشارع والشوارع المتفرعة منه، فقد تحول إلى حفر بنفس أعماق الترع والمصارف «الزراعية، تغرق فيها سيارات الدفع الرباعى، ولا تخرج سوى «بالأوناش» فما البال بالسيارات العادية؟! وهل يعقل أن رئيس حى الدقى لا يعلم عن شوارع الحى الراقى التى تحولت بقدرة قادر إلى ترع ومصارف؟!
وأين السيد المحافظ كمال الدالى، الذى يتباهى أنه يعرف كل كبيرة وصغيرة فى شوارع محافظة الجيزة؟!
وإذا كانت الشوارع أصبحت ترعا فى أحياء الدقى وشارع البطل أحمد عبدالعزيز بالمهندسين وتحديدا عند الإشارة الرئيسية المقابلة لهيئة المصل واللقاح، فماذا عن قرى كرداسة وناهيا والصف وأطفيح والبدرشين؟!
الأحياء الثلاثة، عينة، شاهدة عن الوضوع المتدهور وما يفعله رؤساء الأحياء وموظفوهم، من تنكيل للعباد، وخروقات للقانون لا حصر لها، واذهبوا لأحياء المرج والخصوص والمطرية وعين شمس والزاوية الحمراء والوايلى، وبولاق الدكرور وأرض اللواء وفيصل وإمبابة، وغيرها من الأحياء، التى تحولت إلى مناطق عشوائية تُرتكب فيها كل الموبقات الإدارية والإنسانية.
وإذا خرجت من منطقة القاهرة الكبرى، إلى محافظات الصعيد والوجه البحرى، فحدث ولا حرج، فهى خارجة عن السيطرة، ولا صوت فيها يعلو فوق صوت المخالفات الكارثية، لذلك لن تصبح مصر دولة مزدهرة وعصرية، ما لم يتم تطهير وتسريح المحليات، التى صارت ألغاما فتاكة، تقتل كل الخطط والأمال والطموحات للنهوض بالبلاد!!
ولك الله يا مصر...!!!