يعتمد سفير بريطانيا فى القاهرة على تقارير عاطفية، يبدو أنها نصحته بارتداء ثوب «ابن البلد» لكى يكسب ود المصريين، ويتخلص من شعورهم الفطرى بالشك تجاه كل سفراء الدول الغربية، لأن الكشرى والفتة وعربة الفول التى يضعها جون كاسن فى حديقة السفارة لا تصلح صكوك براءة من الشعور الإنجليزى بالذنب تجاه الشرق، فلن ينسى المصريون أن قسمًا كبيرًا من مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية الحالية، يتحمل وزرها الطمع الإمبراطورى من أجل ألا تغيب الشمس عن بريطانيا العظمى. ودون مزيد من الاستدعاء لجراح الماضى، نريد فقط أن نذكر السفير الإنجليزى بأن بلاده لا تزال تتعامل مع مصر على أرضية الثأر من جمال عبدالناصر الذى «قطع ذيل الأسد وحطم أسنانه»، على حد وصف الأمريكان حينئذ، فتتفاخر لندن بكونها منصة لإطلاق الكراهية ضد مصر، وملجأ لرؤوس الحيات، وحيادها المريب لا يعنى سوى أنها تتوهم فى عودة التاريخ لدورته الأولى.