قبل التعبير عن الغضب والإفراط فى إظهار كل السباب والشتائم الموجهة إلى تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش والمنظمة نفسها، علينا أن نعلم أولا ماهية هذه المنظمة التى تأسست عام 1978، فهى منظمة دولية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها، واسمها باللغة العربية "مراقبة حقوق الإنسان" ومقرها مدينة نيويورك، كما لها العديد من المكاتب فى دول العالم.
وتعتمد المنظمة فى تمويلها على تبرعات المؤسسات الخاصة والأفراد، وهنا يفتح الباب على مصراعيه لنوعية التمويل الذى تتلقاه المنظمة حتى تدافع عن بلدان أو جماعات بعينها، أو التحيز مع أو ضد طبقا لأجندات خاصة وجماعات مصالح بعينها دون أخرى.. على سبيل المثال إذا تبرعت جماعة الإخوان الإرهابية لهذه المنظمة أليس من المنطقى أن تدافع المنظمة عن الإخوان وكل من ينتمى إليهم وعن كل ممارساتهم، وتروج لأكاذيبهم وأعمالهم المشبوهة وهكذا.. وإذا تلقت أموالا من جماعات قطرية فسوف تغض البصر عن أى ممارسات ضد حقوق الإنسان هناك، أيضا من تركيا حيث لن يتشدقوا ولم ينشروا إجرام وإرهاب أردوغان ونظامه فى حق الشعب التركى بكل فئاته وطوائفه، وما قام به ضد رجال الجيش والقضاء وأساتذة الجامعات والصحفيين وغيرهم.
وما ذكرته المنظمة فى تقريرها الأخير عن مصر كاذب ومضلل فى كل ما ذكر من ادعاءات انتشار التعذيب بشكل واسع، منذ تم الإطاحة بالمعزول محمد مرسى فى عام 2013، متجاهلين كل أنواع التعذيب التى قامت بها جماعة الإخوان الإرهابية أثناء حكمهم الإجرامى، "وأحداث الاتحادية" مثال وشاهد عيان بالقتل والسحل والتعذيب الموثق فى كل مكان بالصوت والصورة، وغيرها من الأحداث الإجرامية التى قاموا بها.
كما ذكر التقرير "منذ عام 2013 اعتقلت السلطات المصرية 60 ألف شخص على الأقل وأخفت قسرا المئات لعدة أشهر فى وقت واحد، وحاكمت آلاف المدنيين فى محاكم عسكرية وأنشأت ما لا يقل عن 19 سجنا، وكان الهدف الرئيسى قمع جماعة الإخوان أكبر حركة معارضة فى البلاد.. على حد قولهم"، وهذا الكلام كذب ولا أساس له من الصحة لأن السعة الحقيقية للسجون فى مصر لا تتسع لاعتقال 60 ألف شخص، وبالطبع هذا غير المساجين فى قضايا جنائية، أيضا لم يحدث اختفاء قسرى للمواطنين على المستوى السياسى، إنما كانت هناك عصابات إجرامية تخصصت فى خطف الأطفال من أجل الحصول على الأموال، وكان ذلك نتيجة للفوضى التى حدثت بعد الثورة.
أيضا لم يكن هناك بناء لعدد من السجون الجديدة وإلا كانت الأخبار سوف تنشر، ذلك لأنه شىء لا يتم التكتم عليه، كما ادعت المنظمة فى تقريرها قيام عناصر الشرطة المصرية بارتكاب كل أنواع التعذيب فى حق المعتقلين، خاصة جماعة الإخوان الإرهابية، فى مراكز الشرطة ومقرات الأمن الوطنى فى جميع أنحاء البلاد، وأنا لا أعرف من أين استقت المنظمة والعاملون بها هذه المعلومات، هل مما يكتب على توتير ومواقع التواصل الاجتماعى؟، هذا العالم الافتراضى الذى أصبح وسيلة من وسائل تأجيج الصراعات والتضليل ونشر الأكاذيب والمغالطات أم من أعضاء الجماعة الإرهابية أنفسهم الذين قتلوا وحرضوا على العنف وقتل الأبرياء من الناس العاديين والسياح لتدمير السياحة وضرب الاقتصاد؟ فلا بد أن يذكر قائل المعلومة مصدره أم أن هناك اتصالات تجرى من السجون مع المعتقلين والعاملين فى المنظمة؟
ولا بد أن أذكر عندما زرت مكتب المنظمة فى مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، وكان مكتبا فى عمارة كبيرة فى "جاردن سيتى" ملاصق للسفارة الإنجليزية ومجاور للسفارة الأمريكية فى القاهرة، وكان القائمون عليه آنذاك مجموعة من الأشخاص غريبى الأطوار وكان لديهم حدة فى التعامل غير مبررة، وكانت مديرة المكتب آنذاك سيدة فى عمر الأربعين، وكانت تتحدث لكل وسائل الإعلام آنذاك عن القهر الذى تعرض له الإخوان فى مصر وممارسات الشرطة الدامية فى حقهم، كما أذكر عندما قابلتها مرة أخرى فى اجتماع مع مسئولة الاتحاد الأوروبى "كاترين آشتون" وقتها، حيث كانت تقوم بزيارات مكوكية لمصر بعد الثورة وتلتقى منظمات المجتمع المدنى والإخوان وكانت تلتقى هذه السيدة باستمرار وكانت تسهب فى إلقاء الضوء على التعذيب الذى يتلقاه الإخوان فى مصر آنذاك.
يعنى من كل ما سبق وغيره لا أستطيع أن أصدق أكاذيب ومزاعم هذه المنظمة التى أصبحت مشبوهة بممارساتها وتقاريرها المغلوطة عن مصر باستمرار، إلا فى وقت حكم الإخوان، حيث لم تصدر تقريرا واحدا عن ممارساتهم الإرهابية فى مصر أثناء حكمهم الإرهابى.. ولن يصدق أحد أى شىء من أكاذيبهم ضد مصر واستقرارها.. لذلك علينا أن نوفر النقد والسباب أو صب الغضب على تقارير مثل هذه المنظمات المشبوهة التى لا تستحق حتى قراءة ما تصدره فى تقاريرها.