الشىء الوحيد الذى يعزينى فى المائتى جنيه التى دفعتها ثمنًا لنسخة من مذكرات عمرو موسى، أن الرجل يمتلك ذاكرة قوية تمده بتفاصيل دقيقة جرت منذ أكثر من نصف قرن، وإحدى هذه التفاصيل أصابت عشاق الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بانتفاضة غضب، وخلفت أمواجًا من الانتقادات، بعضها موضوعى والآخر يعتمد على طول اللسان، وليس مطلوبًا ممن يحب عبدالناصر أن يرفعه إلى مرتبة الأنبياء، لأن الخلاف لم يكن حول قيمة الرجل الذى نعرف مكانته المهمة فى تاريخ مصر الحديث، وحتى إن تورط عمرو موسى فى وقائع لم تدعمها الوثائق، كما هو معتاد فى السير الذاتية والمذكرات، لكن العهدة على الراوى وضميره واحترامه للتاريخ، لأن تصرف مثل شراء أطعمة تخسيس من سويسرا، ليس خطأ يستدعى الخجل، كما أن إخفاءها لن يفيد سيرة الزعيم بقدر ما يجعل التاريخ أسيرا لوجهة نظر واحدة، وكأن من نحبهم لا يخطئون.