فى يوليو الماضى انتشرت أخبار عن مقتل أبوبكر البغدادى، خليفة داعش المزعوم، ولم تظهر تأكيدات. أعلنت بعض الجهات الروسية غير الرسمية، مع تقارير من أطراف عراقية. وتزامنت أنباء مقتل أبو بكر البغدادى مع الهزائم التى تلقاها التنظيم فى الموصل وتبعتها هزائم فى سوريا.
وقبل عدة أيام بثت بعض المواقع التابعة لداعش تسجيلا صوتيا منسوبا للبغدادى أقر فيه بهزيمة التنظيم فى العديد من المواقع التى كان يسيطر عليها فى كل من سوريا والعراق وليبيا، لكنه دعا مقاتلى التنظيم إلى عدم الاستسلام، وحرضهم على شن هجمات إرهابية، وهدد دول العالم بالانتقام.
ظهور البغدادى بعد اختفاء لما يقرب من العام، أثار تفسيرات متضاربة، خاصة أنه مجرد تسجيل صوتى، وليس تليفزيونيا مثلما كانت المرة الأولى. وكان آخر ظهور للبغدادى فى تسجيل صوتى فى نوفمبر الماضى، ومن دون صورة.
التسجيل الأخير محاولة لجمع فلول داعش المهزومين أو تحريضهم على عمليات انتحارية تحسن من صورة التنظيم. وربما كان رسالة لجهة ما، خاصة أنه لم يتضح تاريخ التسجيل، لكن إن وردت فيه إشارات إلى تهديدات كوريا الشمالية لأمريكا واليابان، وهى الكلمات التى يحاول مخرج التسجيل الإيحاء بأنه فى وقت قريب. لكن على جانب آخر فقد تضمن فى أغلبه نصائح وأحاديث دينية، فضلا عن أنه يخلو من النبرات التمثيلية. الأمر الذى قد يدفع لاحتمالات تزييفه، بهدف جمع فلول داعش المهزومة.
لم تؤكد الجهات الأمريكية أو الروسية أو تنف نسبة الملف الصوتى للبغدادى، وبدا أقرب إلى التسجيلات الصوتية لأيمن الظواهرى التى اعتاد تنظيم القاعدة بثها كل فترة لإثبات استمرار الظواهرى على قيد الحياة.
ولا يتوقع أن يقلل ظهور أبوبكر البغدادى بعد غياب لأكثر من عشرة شهور، من هزائم داعش المتلاحقة فى العراق وسوريا وليبيا، مع استمرار ظاهرة اختفاء الدواعش من ميادين المعارك ولا تتساوى أعداد الدواعش المستسلمين أو القتلى مع التقديرات العسكرية. الأمر الذى يثير علامات استفهام. وقد رصدت الأجهزة العراقية عددا من مقاتلى داعش حاولوا التسلل وسط المدنيين بعد فك الحصار فى الموصل، وتم القبض على بعضهم، ونفس الأمر فى سوريا، ويرجح أن يختفى الدواعش غير المعروفين وسط سكان المناطق المحررة.
وتضع بعض التقارير احتمالات وجود عمليات تهريب منظمة، لقيادات داعش من العراق وسوريا، عن طريق أجهزة الدول التى ساعدت التنظيم من قبل، ولم يستبعد هؤلاء أن تكون تركيا أحد مخارج الدواعش مثلما كانت مدخلا لهم. ولا يستبعد أن يحاول بعض فلول داعش العودة لبلادهم عبر طرق غير رسمية أو بجوازات سفر مزورة أو يسعوا للانضمام إلى بؤر إرهابية أخرى. وتمثل أفغانستان أحد الملاجئ المحتملة لهاربى داعش، خاصة بالسبة لأعضاء التنظيم الموضوعين على قوائم الترقب فى بلادهم أو من سجلوا كمختفين قسريا وتأكد وجودهم بين مقاتلى داعش.
مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك جهات ودول دعمت داعش من قبل ومن مصلحتها أن تخلى القيادات أو تتخلص منهم باعتبارهم أدلة يمكن أن تكشف علاقات داعش وتقاطعاته وخيوطه. مع الأخذ فى الاعتبار أن تنظيم مثل داعش بالقطع هدف لأجهزة أمنية عديدة وربما يكون مخترقا من بعضها أو متعاونا مع البعض الآخر. وكل هذه الخطوط تضع احتمالات مختلفة لمصير داعش بعد هزائمه ميدانيا. وما إذا كان يستعد للهرب أو لمرحلة جديدة مع العرابين القدامى أو الجدد. وحلقة جديدة من مسلسل داعش.